الأخشاب والأحجار تخلق وترزق وتدبر أمرَ من دعاها؟ فهذا يكذبه القرآن. وإن قال: هو من قصد خشبة أو حجراً أو بنية على قبر أو غيره؛ يدعون ذلك ويذبحون له، ويقولون إنه يُقرِّبنا إلى الله زُلْفَى ويدفع الله عنا ببركته، أو يعطينا ببركته. فقل: صدقت وهذا هو فعلكم عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها. فهذا أقرَّ أن فعلهم هذا هو عبادة الأصنام، فهو المطلوب.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انتقل إلى هذه الشبهة؛ زعم أن الشرك عبادة الأصنام بخصوصه، وهو في زعمه أنه لا يعبد الأصنام بل ولي، فجاوبه بالاستفسار والتحدي فبه يندحض وتنكشف شبهته، ويظهر جهله وضلاله، وأنه أجنبي مما عليه المرسلون وما هو دين المشركين (فقل له: ما معنى عبادة الأصنام؟) التي حصرت الشرك فيها (أتظن أنهم يعتقدون أن تلك الأخشاب والأحجار تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها؟) فإن قال نعم (فهذا يكذبه القرآن) ويرده؛ فإن القرآن دال على أنهم لا يعتقدون فيها ذلك أصلاً (وإن قال هو من قصد خشبة أو حجراً أو بنية على قبر أو غيره، يدعون ذلك ويذبحون له، ويقولون إنه يقربنا إلى الله زلفى، ويدفع الله عنا ببركته أو يعطينا ببركته) فهذا تفسيرٌ لعبادة الأصنام صحيح (فقل صدقت) لكن (وهذا هو) بعينه (فعلكم) الذي وقعتم فيه (عند الأحجار والأبنية التي على القبور وغيرها) وهذا المطابق هو حقيقة تفسيرها (فهذا أقرَّ أن فعلهم هذا هو عبادة الأصنام، فهو المطلوب) المطلوب إقرارُه بالحق وكشف شبهته، وقد انكشفت شبهته واندحضت حجته، وتبين جهالته وضلالته.