وأيضاً فإن الشفاعة أعطيها غيرُ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فصحَّ أن الملائكة يشفعون، والأفراط يشفعون، والأولياء يشفعون: أتقول إن الله أعطاهم الشفاعة فاطلبها منهم؟ فإن قلت هذا، رجعت إلى عبادة الصالحين التي ذكرها الله في كتابه. وإن قلت لا. بطل قولك أعطاه الله الشفاعة وأنا اطلبه مما أعطاه الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
إياها غير طلبها منه صلى الله عليه وسلم، وإنما سببها الإيمان به صلى الله عليه وسلم والإيمان بما جاء به؛ قال تعالى {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} 1 وقال تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ} 2 وما لا يعلمه الله فهو باطل؛ يعني لا يعلم أن من دونه شفعاء. وسئل صلى الله عليه وسلم: "من أسعد الناس بشفاعتك؟ فقال: "من قال لا إله إلا الله خالصاً من قلبه" وقال: "فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئاً". فالشفاعة للعصاة. أما المشركون فلا شفاعة لهم3.
(وأيضاً فإن الشفاعة أعطيها غير النبي صلى الله عليه وسلم) هذا جواب ثانٍ لكشف الشبهة السابقة، تقدم الأول وهو كافٍ شافٍ في كشف شبهته، وهذا الثاني (فصحَّ أن الملائكة يشفعون والأفراط يشفعون) فجنس الشفاعة أعطيها غير النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا الإعطاء مقيد