...
فإن قال: الكفار يريدون منهم، وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر لا أريد إلا منه، والصالحون ليس لهم من الأمر شيء، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم.
فالجواب أن هذا قول الكفار سواءً بسواء، واقرأ عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} . وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} .
واعلم أن هذه الشُبَه الثلاث هي أكبر ما عندهم. فإذا عرفت أن الله وضَّحها لنا في كتابه وفهمتها فهما جيداً فما بعدها أيسر منها.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
سبيلهم واحداً، وإذا تفرقت معبوداتهم، فكلها راجعة إلى شيء واحد وهو عبادة غير الله مع الله. وبذلك انكشف شبهته واندحضت حجته وأنه في غاية الجهالة عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
(فإن قال الكفار) الذين نزل فيهم القرآن؛ أو جهل وأضرابه (يريدون منهم) يريدون من الآلهه التي يدعون، ويطلبون منهم لأنهم أبواب حوائجهم إلى الله؛ فهم يباشرونهم بالعبادات (وأنا أشهد أن الله هو النافع الضار المدبر لا أريد إلا منه، والصالحون ليس لهم من الأمر شيء، ولكن أقصدهم أرجو من الله شفاعتهم) والمالك لهم للمطلوب هو الله وأقصدهم ليطلبوا لي من الله الشفاعة.
إذا انتقل بعد كشف الشبهتين الأولَييَن وشبه بهذه الشبهة.
(فالجواب) عن هذه الشبهة (أن هذا قول الكفار) بعينه حرفاً بحرف (سواءً بسواء) ما وُجد شيء مخفف بل وجد منه شيء أعظم