. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جنس الاستغاثة بالحي الحاضر القادر (فإنه كما قال الله فيه: {شَدِيدُ الْقُوَى} 1 فلو أذن الله له أن يأخذ نار إبراهيم وما حولها من الأرض والجبال ويلقيها في المشرق أو المغرب لفعل) كما صنع حين أمر بقلع ديار قوم لوط وما حولها من القرى حتى بلغ بها عنان السماء (ولو أمره أن يضع إبراهيم عليه السلام في مكان بعيد عنهم لفعل، ولو أمره أن يرفعه إلى السماء لفعل) .
ثم مثَّل المصنف بحالة إبراهيم وجبريل فقال: (وهذا كرجل غني له مال كثير يرى رجلاً محتاجا فيعرض عليه أن يقرضه أو أن يهب له شيئاً يقضي به حاجته) هذا مثل جبريل (فيأبى ذلك الرجل المحتاج أن يأخذ ويصبر إلى أن يأتيه الله برزق لا منّةَ فيه لأحد) هذا مثل إبراهيم عليه السلام، فكما أن الفقير لو قبل من الغني لم يكن مشركاً فكذلك هذه. (فأين هذا من استغاثة العبادة والشرك) التي يفعلونها مع الأموات والغائبين وهي عينُ شركِ المشركين الأولين من هذه الاستغاثة المذكورة في قصة إبراهيم (لو كانوا يفقهون) فهذا جنس وهذا جنس، فمن سوَّى بينهما فقد سوى بين المتباينين من كل وجه. وفي الحقيقة أن من قال هذا أولى ما له مراجعة عقله؛ فمن قال إن هذه مثل هذه أو توقّف فيها فهو مصاب في عقله.