قال رحمه الله: [أرسله الله إلى قومه لما غلوا في الصالحين ودّاً وسواعاً ويغوث ويعوق ونسراً] غلوا فيهم بأن تجاوزوا الحد الذي جعله الله لهم.
والغلو في اللغة هو: مجاوزة الحد، فكل من جاوز الحد الذي جعل له فقد غلا، وأما تعريفه في الاصطلاح فهو: مجاوزة أمر الله تعالى في العبادات أو العقائد، وقال بعضهم: الزيادة على المشروع في العقائد أو العبادات، ومرد الغلو هو الطغيان، فمن غلا في شيء فقد طغا وتجاوز، وهؤلاء غلوا في الصالحين، في ودٍ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وهؤلاء -كما قال ابن عباس في الصحيح-: (أسماء رجال صالحين من قوم نوح، لما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم أنصاباً، فنصبوا هذه الأنصاب ولم تعبد، حتى إذا هلك أولئك ونسي العلم عبدت) ، فهم في أصل فعلهم إنما نصبوا هذه الأنصاب لأجل تذكر هؤلاء، والتشوق إلى العبادة، والاشتغال بذكر الصالحين الذي يعين على العبودية لله سبحانه وتعالى، فتجاوز الأمر بهم شيئاً فشيئاً إلى أن وقعوا في عبادتهم من دون الله سبحانه وتعالى.
ثم قال الشيخ رحمه الله: [وآخر الرسل محمد صلى الله عليه وسلم] ، وهذا لا شك فيه فإن النبي صلى الله عليه وسلم آخر الرسل، قال الله جل ذكره: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] فختم الله سبحانه وتعالى النبوات بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا نبي بعده.