يقول: (وهذا جائز في الدنيا والآخرة) أي: سؤال الدعاء من الحي الحاضر جائز في الدنيا والآخرة، ولا إشكال في ذلك.
يقول: (وذلك أن تأتي عند رجل -توضيح لقوله: وهذا جائز في الدنيا والآخرة- صالح حيّ يجالسك، ويسمع كلامك، وتقول له: ادع الله لي، كما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه ذلك في حياته، وأما بعد موته فحاشا وكلا أنهم سألوه ذلك عند قبره) .
فسؤال الحي الدعاء لا بأس به، هذا الذي يفهم من كلام الشيخ رحمه الله، والذين كرهوا سؤال الحي الدعاء إنما كرهوه لأجل ذم المسألة عموماً، وليس لأن ذلك من الشرك، فإن شيخ الإسلام رحمه الله له قول بكراهة سؤال المخلوق الدعاء إلا إذا كان يقصد من سؤاله نفع المسئول، وله قول آخر قال فيه رحمه الله: وطلب الدعاء من المؤمن للمؤمن مشروع، فله في المسألة قولان، والقول الذي فيه كراهة سؤال الدعاء من المسلم أو من المؤمن هو بسبب أن المسألة مذمومة مطلقاً، وأن الواجب على العبد أن يعود نفسه السؤال والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى؛ وذلك أن الدعاء عبادة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى، فالأولى للعبد أن يباشر ذلك بنفسه، وألا يعتمد على غيره في ذلك، ثم أيضاً قد يُخشى أن يترتب على هذا السؤال مفسدة للمسئول، فيظن في نفسه خيراً فيغتر، وقد يُخشى أيضاً من هذا أن يتكل الإنسان على دعاء غيره، فيكون من عادته إذا أراد الدعاء أن يذهب إلى غيره ليدعو له، كل هذه المفاسد جعلت شيخ الإسلام رحمه الله يقول في أحد قوليه: إن سؤال الغير الدعاء مكروه، وليس ذلك لكونه من الشرك أو ما إلى ذلك، بل لكونه تترتب عليه بعض المفاسد التي تقدم ذكر شيء منها.