قال رحمه الله: [ويقال أيضاً: هؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلوا بني حنيفة، وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون ويؤذنون، فإن قال: إنهم يقولون: إن مسيلمة نبي، قلنا: هذا هو المطلوب، إذا كان من رفع رجلاً إلى رتبة النبي صلى الله عليه وسلم كفر، وحل ماله ودمه، ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة؛ فكيف بمن رفع شمسان، أو يوسف، أو صحابياً، أو نبياً إلى مرتبة جبار السموات والأرض؟ سبحان الله ما أعظم شأنه! {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:59]] .
هذا أول شاهد ذكره الشيخ رحمه الله على ما تقدم ذكره من أنه لا ينفع الإقرار بشرائع الدين وما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مع إنكار بعضها، بل لابد من الإقرار بالجميع وإلا فإنه يحكم عليهم بالكفر، والشاهد هو ما فعله الصحابة رضي الله عنهم من قتال بني حنيفة، وقد أسلموا مع النبي صلى الله عليه وسلم، وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ويصلون ويؤذنون، إلا أنهم قالوا: إن مسيلمة نبي، فكذبوا ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من قوله جل وعلا: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب:40] ، فكذبوا ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم، وهذا جحد لبعض ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم، فأباح ذلك دماءهم وأموالهم وأخرجهم من ملة الإسلام مع أنهم يشهدون أن لا إله إلا الله، بل ويصلون ويؤذنون.
ثم قال رحمه الله: (قلنا: هذا هو المطلوب، إذا كان من رفع رجلاً إلى رتبة النبي صلى الله عليه وسلم فأثبت له النبوة كفر، وحلّ دمه وماله، ولم تنفعه الشهادتان ولا الصلاة؛ فكيف بمن رفع شمسان أو يوسف أو صحابياً أو نبياً إلى مرتبة جبار السماوات والأرض؟) أليس هذا أولى بالتكفير؟ بلى والله! إنه أولى بالتكفير؛ ولذلك استعظم الشيخ رحمه الله التفريق بين هذين فقال: (سبحان الله ما أعظم شأنه!) من أن يُسوى به غيره ثم لا يكفر هذا المسوي: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الروم:59] والله هو الذي أعمى بصائرهم عن رؤية هذه الآيات البينات الواضحات.