هناك قاعدة قعدها العلماء في نقد المتون المتعارضة، وهذه القاعدة هي: أن صاحب القصة يقدم على غيره ممن يحكون القصة، فقد جاء عن أبي رافع قال: (كنت السفير بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين ميمونة، وقد تزوجها حلالاً وبنى بها حلالاً) فكأنه يقول لـ ابن عباس: أنت لم تحضر القصة، بل أنا السفير والوكيل، فأنا أتقن منك وأنت قد وهمت في ذلك؛ لأن ابن عباس قال: (تزوجها وهو محرم).
والمثال الثاني: قطع الحمار والمرأة والكلب للصلاة إذا مروا بين يدي المصلي، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن المرأة والحمار والكلب الأسود إذا مروا أمام المصلي تُقطع بهم الصلاة، فلما سمعت عائشة ذلك قالت: أشبهتمونا بالكلاب والحمير؟ والله لقد كنت معترضة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قبلته وهو يصلي، فإن أراد أن يسجد غمزني في رجلي) فكأنها تقول: أنا صاحبة القصة وأنا التي حدث معها هذا الأمر، فقد كنت أنام معترضة بين النبي وبين القبلة فكيف تقولون: إن المرأة لو مرت تبطل الصلاة؟ لكن هنا لم نرجح قول عائشة مع أنها صاحبة القصة؛ لأن صاحبة القصة جعلت المسألة في غير محل النزاع، فقد استدلت بدلالة هي أخص من هذا الذي نتكلم عنه.