قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تركه إلى الرغبة إلى الله وسؤاله أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله، وهذا كله من سؤال الأحياء السؤال الجائز المشروع].
ختم الشيخ هذا المقطع ببيان أن الصورتين مشروعتان، لكن الصورة الأولى فاضلة والصورة الثانية مفضولة؛ والصورة الأولى أن يقصد فيها طالب الدعاء الإحسان للداعي والنفع له ولغيره، والصورة الأخرى هي أن يطلب الإنسان من آخر أن يدعو له، لكن لانتفاع يخص السائل، وليس على باله نفع الآخرين، فهذه صورة مرجوحة.
قال أهل العلم: لا ينبغي للمسلم أن يكثر من طلب الدعاء من الآخرين؛ لأنه يقلل من اعتماده على الله عز وجل، ويضعف يقينه ويضعف قلبه، لكن مجال طلب الدعاء من الآخرين هو في ظروف معينة، كأن يكون في مكان فاضل أو في زمان فاضل أو في عمل جليل، أو من إنسان صالح يتوسم فيه الصلاح ويكون الدعاء في هذا الظرف له مناسبة، كأن يكون مضطراً له حاجة ملحة، فمن هنا يكون طلب الدعاء من الغير في مناسبات محدودة وفي ظروف محدودة، أما أن يكون سمة للشخص، فهذا في الغالب إما أن يكون عن ضعف إيمان، أو على الأقل يدخل فيما لا يشرع.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما سؤال الميت فليس بمشروع ولا واجب ولا مستحب، بل ولا مباح، ولم يفعل هذا قط أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا استحب ذلك أحد من سلف الأمة؛ لأن ذلك فيه مفسدة راجحة وليس فيه مصلحة راجحة، والشريعة إنما تأمر بالمصالح الخالصة أو الراجحة، وهذا ليس فيه مصلحة راجحة، بل إما أن يكون مفسدة محضة أو مفسدة راجحة، وكلاهما غير مشروع.
فقد تبين أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم من طلب الدعاء من غيره هو من باب الإحسان إلى الناس الذي هو واجب أو مستحب].