قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وبعض من رأى هذا أو صدق من قال: إنه رآه اعتقد أن الشخص الواحد يكون بمكانين في حالة واحدة فخالف صريح المعقول.
ومنهم من يقول: هذه رقيقة ذلك المرئي، أو هذه روحانيته، أو هذا معناه تشكل، ولا يعرفون أنه جني تصور بصورته.
ومنهم من يظن أنه ملك، والملك يتميز عن الجني بأمور كثيرة، والجن فيهم الكفار والفساق والجهال، وفيهم المؤمنون المتبعون لمحمد صلى الله عليه وسلم تسليماً، فكثير ممن لم يعرف أن هؤلاء جن وشياطين يعتقدهم ملائكة.
وكذلك الذين يدعون الكواكب وغيرها من الأوثان تتنزل على أحدهم روح يقول: هي روحانية الكواكب، ويظن بعضهم أنه من الملائكة وإنما هو من الجن والشياطين يغوون المشركين].
أغلب ما يحدث التعلق بالكواكب من الصابئة ومن اليونان، ثم انتشر هذا في كثير من الديانات أو الفرق التي خرجت عن بعض الديانات، فالصابئة هم أكثر من يعتقد في الكواكب وأن لها أرواحاً حلّت فيها، وأن لها خصائص الألوهية إلى غير ذلك من الأمور، حتى علّقوا فيها مثل هذه الأوهام.
وهذا الأمر لا يزال موجوداً عند الصابئة المعاصرين وعند كثير من الفرق الضالة التي تأثرت بالصابئة مثل اليزيدية، فاليزيدية عبدة الشيطان عندهم مثل هذه الأوهام حتى الآن، وتذكر في كتبهم وفي أحوالهم وسيرهم، ويعتقدون في الكواكب مثل هذه الاعتقادات.
كذلك كثير من الأمم القائمة الآن سواء الأمم التي ورثت ديانات قديمة أو الأمم التي تعلقت بمبادئ جديدة، كلها لها نظرة للكواكب فيها نزعة شركية، فهم يزعمون أن للكواكب تأثيراً في الأرض، وفي أحوال البشر وفي طبائع الناس ومصائرهم وحظوظهم ونحو ذلك، ولذلك كثر تعلق هذه الفئات من الناس بالطوالع وربط مصائر الأفراد بها، وسرت هذه الظاهرة إلى كثير من المسلمين عن طريق الصحف والمجلات التي تضع لهذه البدعة أو لهذه الشركيات زوايا وصفحات وأعمدة تذكر فيها تأثير الكواكب والنجوم والطوالع على مجموعات الناس وأفرادهم، وعلى أحداث البشرية العامة والخاصة، وهذا لا شك أنه نزعة وثنية خطيرة وينبغي التنبيه عليها؛ لأني أرى من خلال قراءة هذه الأمور أن هناك من أبناء المسلمين من يكاتب هذه الصحف ويسأل عن مصيره وعن حظوظه ونحو ذلك، فيجيبونه بجواب الدجالين المشعوذين والكذابين، وهذا باب خطير إذا تعلقت به نفوس الأجيال ربما يتدرج كثير من الناس إلى الوثنية والشرك وهو لا يشعر.