قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: [في قول القائل: أسألك بحق السائلين عليك، وما في معناه.
صلى الله عليه وسلم أما قول القائل: أسألك بحق السائلين عليك، فإنه قد روي في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه ابن ماجه، لكن لا يقوم بإسناده حجة، وإن صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم كان معناه: أن حق السائلين على الله أن يجيبهم، وحق العابدين له أن يثيبهم، وهو كتب ذلك على نفسه، كما قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة:186]، فهذا سؤال الله بما أوجبه على نفسه كقول القائلين: {رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ} [آل عمران:194]، وكدعاء الثلاثة الذين أووا إلى الغار لما سألوه بأعمالهم الصالحة التي وعدهم أن يثيبهم عليها.
انتهى].
سبق أن بين الشيخ هذا أكثر من مرة في ثنايا قاعدة التوسل والوسيلة التي انتهت في الدرس الماضي، لكن أحب أن أشير إلى نقطة رمز إليها الشيخ أكثر من مرة وقد لا تكون واضحة في أذهان الكثيرين، وهي أنه حينما فسر، يقول: إن ثبت حديث: (اللهم إني أسألك بحق السائلين)، فسر: (حق السائلين) بأنه ما وعد الله به عباده من إجابة دعائهم، فإنه يقصد بذلك: أن السائل بهذا الدعاء الذي يدعو بهذا الدعاء يقصد أنه واحد من السائلين، لا يقصد أنه يتوسل بحق الآخرين الذين وعدهم الله.
إذاً: فحق السائلين الذي قد يجوز الدعاء به إن صح الحديث إنما هو ما يتعلق بهذا الشخص نفسه، فهذا الشخص هو واحد من السائلين، فإذا دعا الله ربه بحق السائلين فإنه يدعو بحقه الذي يخصه لا بحقوق الآخرين، وقد يكون من وجه بعيد أيضاً: جواز طلب الدعاء من الآخر، أي: طلب الدعاء من أخيك المسلم، وأخوك المسلم وعد الله بإجابة دعائه، فقد يتعلق قلبك بإجابة الله للداعي لك، فهذا حق لك شرعه الله لإخوانك المسلمين بأن يدعوا لك.
إذاً: إذا قلت: بحق السائلين إن جاز فإنما تدعو لأنك واحد من هؤلاء السائلين لا لأنك تدعو بحقوق إخوانك الآخرين.