Q يكثر في هذه الأيام أطروحات الفكر العصراني والعقلاني، سواء من العقلانيين أو ممن يسمونهم المفكرين الإسلاميين، ومن بعض الدعاة، فالرجاء بيان مناهج هؤلاء، وهل أطروحاتهم موافقة للسنة مع بيان أوجه المخالفة؟
صلى الله عليه وسلم هذا موضوع طويل، لكن أوجز التصور عن الفكر العصراني العقلاني فأقول: هو أولاً: امتداد للمناهج الكلامية الاعتزالية، وزاد عليها بالأخذ بمناهج الغربيين ونظرتهم تجاه الديانات وتجاه الشرائع، فتلخص منهج العصرانيين في أنهم يرون أن الإسلام إنما يدور مع مصلحة البشر، ومصلحة البشر هم الذين يقررونها، هذا ملخص منهج العقلانيين أي أنهم يرون أن الإسلام جاء لإسعاد البشر من حيث رؤيتهم هم، وأن البشر هم الذين يقررون سعادتهم وإسعادهم، فمن هنا أرادوا أن يطوعوا الإسلام لمناهجهم وأهوائهم، لا لأن يسيروا على ما يريده الإسلام، ولذلك يستدلون بالنصوص المجملة، ولا يستدلون بالنصوص المفصلة أبداً ولا يطيقونها، فلا يعرجون على النصوص التي تحلل وتحرم إطلاقاً، لكن يعرجون على النصوص العامة التي فيها ذكر المصالح، وتقرير العدل، ولذلك يستدلون بالقرآن ولا يستدلون بالسنة؛ لأن القرآن فيه مجملات وليس فيه تفاصيل الشريعة، وينفرون من الاستدلال بالسنة إلا الحديث الذي يحلو لهم، إذا أعجبهم قد يستدلون به، وإلا فالسنة ليست لها ميزان عندهم، وهذا تصور لمنهج العقلانيين، وإلا فهو يمثل مناهج أهل الأهواء عموماً، والاتجاه العصراني هو عبارة عن خلاصة المناهج، ورايات الأهواء رفعت من جديد بأسلوب عصري ملبس.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.