قال رحمه الله تعالى: [فسؤال الله تعالى بالمخلوقات إن كان بما أقسم به وعظمه من المخلوقات فيسوغ السؤال بذلك كله، وإن لم يكن سائغاً لم يجز أن يسأل بشيء من ذلك، والتفريق في ذلك بين معظَّم ومعظّم كتفريق من فرق فزعم أنه يجوز الحلف ببعض المخلوقات دون بعض، وكما أن هذا فرق باطل فكذلك الآخر.
ولو فرَّق مفرِّق بين ما يؤمن به وبين ما لا يؤمن به؛ قيل له: فيجب الإيمان بالملائكة والنبيين، ويؤمن بكل ما أخبر به الرسول، مثل منكر ونكير، والحور العين، والوِلْدَان وغير ذلك، أفيجوز أن يقسم بهذه المخلوقات لكونه يجب الإيمان بها، أم يجوز السؤال بها كذلك؟ فتبين أن السؤال بالأسباب إذا لم يكن المسئول به سبباً لإجابة الدعاء، فلا فرق بين السؤال بمخلوق ومخلوق، كما لا فرق بين القسم بمخلوق ومخلوق، وكل ذلك غير جائز؛ فتبين أنه لا يجوز ذلك كما قاله من قاله من العلماء، والله أعلم].
يعني: فبينوا أن السؤال بالأسباب إذا لم يكن المسئول به سبباً شرعياً لإجابة الدعاء كالعمل الصالح، فلا فرق بين السؤال بالمخلوق والمخلوق.
فلا يزال الشيخ يقرر ما سبق الكلام عنه، ولا يزال يرد على أولئك الذين يتوسلون بالأشياء والمخلوقات ويجعلونها سبباً لإجابة الدعاء، وليس ذلك عندهم في جميع الأوقات، بل يخصون أفراداً أو أنواعاً من المخلوقات، ومشاهد وآثاراً وأشخاصاً بعينها، فالشيخ يقول: هناك أشياء معظمة كتعظيم ما تعبدونه وتتخذونه مشاهد وآثار وسائط عند الله أنتم لا تجيزون أن تكون واسطة عند الله، هذا فرق.
إذاً: فيغلق مبدأ اتخاذ الواسطة إلا إذا كان لسبب شرعي، والسبب الشرعي هو عمل الإنسان نفسه، أو ما شرعه الله مثل طلب الدعاء من الرجل الصالح ونحو ذلك.