قال رحمه الله تعالى: [والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته، كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهذا ما يتعلق بهذه الحكاية، ونصوص الكتاب والسنة متظاهرة بأن الله أمرنا أن نصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ونسلم عليه في كل مكان، فهذا مما اتفق عليه المسلمون، وكذلك رغبنا وحضنا في الحديث الصحيح على أن نسأل الله له الوسيلة والفضيلة، وأن يبعثه مقاماً محموداً الذي وعده.
فهذه الوسيلة التي شرع لنا أن نسألها الله تعالى كما شرع لنا أن نصلي عليه ونسلم عليه هي حق له، كما أن الصلاة عليه والسلام حق له صلى الله عليه وسلم، والوسيلة التي أمرنا الله أن نبتغيها إليه هي التقرب إليه بطاعته، وهذا يدخل فيه كل ما أمرنا الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذه الوسيلة لا طريق لنا إليها إلا باتباع النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان به وطاعته، وهذا التوسل به فرض على كل أحد.
وأما التوسل بدعائه وشفاعته كما يسأله الناس يوم القيامة أن يشفع لهم، وكما كان الصحابة يتوسلون بشفاعته في الاستسقاء وغيره، مثل توسل الأعمى بدعائه حتى رد الله عليه بصره بدعائه وشفاعته، فهذا نوع ثالث من باب قبول الله دعاءه وشفاعته لكرامته عليه، فمن شفع له الرسول صلى الله عليه وسلم ودعا له فهو بخلاف من لم يدع له ولم يشفع له.
ولكن بعض الناس ظن أن توسل الصحابة به كان بمعنى أنهم يقسمون به ويسألون به، فظن هذا مشروعاً مطلقاً لكل أحد في حياته ومماته، وظنوا أن هذا مشروع في حق الأنبياء والملائكة، بل وفي الصالحين وفيمن يظن فيهم الصلاح، وإن لم يكن صالحاً في نفس الأمر].
هذه فائدة مهمة جداً، وهي زبدة لكل ما مر وما يلحق، وهي أنه ليس هناك دليل على ما يفعلون من التوسل البدعي، والعبادات توقيفية وهذه أمور عبادة يتوجه بها الإنسان إلى الله عز وجل ويدين بها.
فأعظم دليل وأقوى حجة في منع التوسل البدعي والاستشفاع البدعي هو أنه ليس على ما يفعلون ويقولون أي دليل، والشيخ تحدى الناس في وقته أن يأتوا بشيء من ذلك ولم يأتوا ولا يزال التحدي قائماً.
قال رحمه الله تعالى: [وليس في الأحاديث المرفوعة في ذلك حديث في شيء من دواوين المسلمين التي يعتمد عليها في الأحاديث، لا في الصحيحين ولا كتب السنن ولا المسانيد المعتمدة كمسند الإمام أحمد وغيره، وإنما يوجد في الكتب التي عرف أن فيها كثيراً من الأحاديث الموضوعة المكذوبة التي يختلقها الكذابون بخلاف من قد يغلط في الحديث ولا يتعمد الكذب، فإن هؤلاء توجد الرواية عنهم في السنن ومسند الإمام أحمد ونحوه، بخلاف من يتعمد الكذب فإن أحمد لم يرو في مسنده عن أحد من هؤلاء].