قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن لم يعرف لغة الصحابة التي كانوا يتخاطبون بها ويخاطبهم بها النبي صلى الله عليه وسلم? وعادتهم في الكلام وإلا حرف الكلم عن مواضعه، فإن كثيراً من الناس ينشأ على اصطلاح قومه وعادتهم في الألفاظ، ثم يجد تلك الألفاظ في كلام الله أو رسوله أو الصحابة فيظن أن مراد الله أو رسوله أو الصحابة بتلك الألفاظ ما يريده بذلك أهل عادته واصطلاحه، ويكون مراد الله ورسوله والصحابة خلاف ذلك.
وهذا واقع لطوائف من الناس من أهل الكلام والفقه والنحو والعامة وغيرهم.
وآخرون يتعمدون وضع ألفاظ الأنبياء وأتباعهم على معان أخر مخالفة لمعانيهم، ثم ينطقون بتلك الألفاظ مريدين بها ما يعنونه هم، ويقولون: إنا موافقون للأنبياء.
وهذا موجود في كلام كثير من الملاحدة المتفلسفة والإسماعيلية ومن ضاهاهم من ملاحدة المتكلمة والمتصوفة، مثل من وضع المحدث والمخلوق والمصنوع على ما هو معلول وإن كان عنده قديماً أزلياً، ويسمي ذلك الحدوث الذاتي.
ثم يقول: نحن نقول: إن العالم محدث وهو مراده.
ومعلوم أن لفظ المحدث بهذا الاعتبار ليس لغة أحد من الأمم، وإنما المحدث عندهم ما كان بعد أن لم يكن].
أقرب مثال لما ذكر عن ملاحدة المتكلمة والمتصوفة في وضعهم بعض الألفاظ على غير وضعها الشرعي الصحيح تسميتهم لبعض صفات الله عز وجل بأنه محدث كصفة الكلام، فيقولون: بأن كلام الله حادث، ومع ذلك يدعون بأن أصل كلام الله أزلي، بمعنى أنه قد تشتبه ألفاظهم ببعض ما عند أهل السنة، لكن عند التفصيل نجد أنهم يقصدون بالحادث المعنى الأزلي، وهذا من باب العبث في استعمال الألفاظ لاسيما متكلمة ومتصوفة الجهمية.