قال رحمه الله تعالى: [قال ابن القاسم: ورأيت أهل المدينة إذا خرجوا منها أو دخلوا أتوا القبر فسلموا، قال: ولذلك رأي.
قال أبو الوليد الباجي: ففرق بين أهل المدينة والغرباء؛ لأن الغرباء قصدوا لذلك، وأهل المدينة مقيمون بها لم يقصدوها من أجل القبر والتسليم].
هذه مسألة الخلاف فيها كبير، وهو أن بعض الناس قد يقصد بالسفر إلى المدينة زيارة القبر، أو السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه مسألة خلافية لكن الراجح فيها قول عامة أئمة السلف بأنه لا يجوز شد الرحال إلا من أجل المسجد لا من أجل القبر، هذا شيء.
الشيء الآخر: أن كثيراً من الناس قد يعمل بالسنة، فيشد الرحال للمدينة من أجل المسجد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) فالمسلم إذا شُرع له أن يرحل إلى مسجد المدينة فلا أظنه يستطيع أن يخلي قلبه من أن يكون قصده إذا وصل إلى المسجد أن يذهب ويسلّم، هذه مقاصد يصعب نزعها، لكن يبقى أصل شد الرحل المشروع يكون إلى المسجد، ويكون في نية المسلم أنه إذا وصل المسجد يسلّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه، ويسلّم على من يحق السلام لهم، ويذهب أيضاً إلى الزيارات المشروعة مثل زيارة قباء، وزيارة المقابر التي تشرع زيارتها فهذه المقاصد تتداخل، فربما يكون قصد أبي الوليد الباجي هذا، أو يكون قصده فعلاً الرأي المرجوح من أنه يجوز شد الرحال لغرض السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره، هذه مسألة خلافية في تفسير الحديث، ومعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) بعض أهل العلم المعتبرين تأولها تأولاً يخالف ما عليه أئمة السلف.