قال رحمه الله: [وقد جاء فيه حديث رواه أحمد في مسنده وابن ماجه عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه علم الخارج إلى الصلاة أن يقول في دعائه: وأسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي هذا؛ فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة، ولكن خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك)، فإن كان هذا صحيحاً فحق السائلين عليه أن يجيبهم].
الحديث فيه كلام كثير عند أهل العلم، وقليل من أهل العلم صححه، وبعضهم حسنه، ويترجح عند كثير من المحققين أنه ضعيف، لكن الحديث الضعيف إذا لم يتعارض مع أصل شرعي؛ فإنه يستأنس به ولا يستدل به، واللفظ الذي ورد: (اللهم إني أسألك بحق السائلين)، محتمل لمعنى صحيح، ومحتمل لمعنى فاسد، وعلى هذا فإنه من الألفاظ المجملة التي تحتمل الحق وتحتمل الباطل، فهي تحتمل الوسيلة الصحيحة المشروعة، وتحتمل الوسيلة البدعية الممنوعة، فإذا قال الإنسان: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، ويقصد بذلك ما وعد الله من إجابة السائلين الذي أوجبه الله على نفسه؛ فهذا صحيح لكن فيه سوء أدب، بمعنى أنه أوجب على الله حقاً، وهذا لا يليق.
وعلى هذا فإنا لا نجزم بمشروعية ذلك ما دام الحديث ضعيفاً، لكن يبقى أن الاحتمال وارد، والخلاف سائغ بين من أجاز مثل هذه اللفظة وبين من منعها، فمن أجازها -كما قلت- قصد ما كتب الله على نفسه من أن يجيب السائلين، والمعنى الباطل: كوننا نوجب على الله شيئاً لا يجب عليه، أو أن يكون حق السائلين بطريقة غير مشروعة عند أهل البدع، بعض أهل البدع يقول: (اللهم إني أسألك بحق السائلين) ويقصد السائلين للأموات والمخلوقين الذين لا يقدرون، فالمعنى محتمل.