Q هل يستدل بقصة البراء بن مالك حينما حمل يوم مسيلمة على ترس ورمي به إلى الحديقة حتى فتح الباب على ما يحدث في فلسطين وغيرها من تفجير السيارة التي هو فيها على العدو؟
صلى الله عليه وسلم سبحان الله! فرق بين الصورتين، قصة البراء رضي الله عنه تحفها أصول شرعية: أولاً: في معركة قائمة لها قائد تحت ولاية تحت خليفة من الخلفاء الراشدين، وقائد من قواد المسلمين، معركة معلنة بين قوة وقوة، بين المسلمين والكفار، تحت راية جهاد حقيقية ليست عمية، يعرف وجهها ويعرف هدفها وغايتها.
أما ما يحدث في فلسطين وغيرها فإن الإنسان ينتحر ويفجر نفسه دون قيادة، ودون أن يكون الجهاد معلناً؛ فهذا نوع من التهور مهما كان مبرره، فهو تهور على أي حال، وهو إلقاء بالنفس إلى التهلكة.
وهذه الصورة غير جائزة أن الإنسان يقوم بمثل هذا العمل الانتحاري بلا راية معلنة وبلا جهاد معلن، فهذا انتحار وقتل للنفس، وقتل للأبرياء لا يجوز، حتى لو كانوا بغير حرب معلنة، وإذا لم يكن تحت راية شرعية ظاهرة؛ فإنه لا يجوز، ولو كان قتل كافراً، الكافر إذا كان يعيش في سلم، ولو في بلاد المسلمين، فلا يجوز إتلاف حياته بهذه الصورة، وإلا لو قلنا هذا لوقعت فتن لا يعلمها إلا الله عز وجل، ولو فتح هذا الباب وقع الهرج والمرج الذي ينتهي إلى ما يعنت المسلمين ويوقعهم في أشد الفتن والحرج.
فأقول: فرق بين الصورتين ولا قياس، ولا أعرف في عهود السلف أنه في مثل الظروف التي وقع فيها الفلسطينيون يستعمل المسلم مثل هذه الأساليب.
فقد وقع المسلمون تحت حكم الصليبيين قريباً من مائة سنة في فلسطين نفسها، وما عملوا هذه الأعمال الانتحارية، حتى قامت راية جهاد تحت ولاية صلاح الدين الأيوبي فقاموا معه.
وكانوا قبل ذلك أقدر منا على العمليات الانتحارية وما عملوها.
والباطنية حكمت جزيرة العرب ومصر وبلاد المغرب عشرات السنين، ومع ذلك ما لجأ أحد إلى هذه العمليات مع هؤلاء الباطنية الكفار الذين عبثوا بدين المسلمين وأعراضهم، ولا أعرف أن عالماً من العلماء أجاز للمسلمين أن يفعلوا مثل هذا الفعل.
فهؤلاء يشتغلون بغير فقه، ومفتوهم ليسوا فقهاء ولا من الراسخين في العلم، وإن وجدت بعض الفتاوى في هذا فهي خاطئة، وما هي إلا لإيقاع الفتنة ووقوع هؤلاء المساكين في مثل هذه التصرفات العاطفية التي لا أصل لها، بل هي داخلة في الراية العمية التي صاحبها مقتول في سبيل الجاهلية.
هذا ما يظهر لي، والله أعلم.