قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأما التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به في كلام الصحابة فيريدون به التوسل بدعائه وشفاعته].
هذا هو المعنى الثالث، فقد ذكر المعنى الأول: وهو عبادة الله بما شرع وشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم، والمعنى الثاني: وهو الوسيلة الخاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذه لا نسعى إليها ولا نبحث عنها، إنما نؤمن بها ونرجو أن يحققها الله لرسوله صلى الله عليه وسلم كما وعد.
النوع الثالث، استعمال التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم والتوجه به في كلام الصحابة وهو حي، كما قال الأعمى، وكما ورد في أكثر من قصة، فإن الصحابة توسلوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حي، أي: توسلوا إلى الله أن يقبل دعاءه، أو طلبوا منه أن يدعو لهم، وهذه الصور موجودة قد تجتمع عند الصحابة، فيتوسل أحدهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، يعني: يطلب منه أن يدعو الله له، ويتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بمعنى يطلب من الله عز وجل أن يقبل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له.
أما لفظ: (إنك لا تخلف الميعاد) بعد دعاء الوسيلة عقب الأذان فالذي أعرف أن العبارة ضعيفة، لكن يبدو لي أن الأمر واسع في مثل هذه العبارات التي ليس فيها زيادة معنى يتعلق بالأحكام، إنما هي تمجيد لله عز وجل، فباب التمجيد والتعظيم لله مفتوح، مثل أن نراوح بين أن نقول: الله عز وجل، أو نقول: الله سبحانه، أو نقول: الله جل وعز، أو نقول: الله تعالى، فأقول: (إنك لا تخلف الميعاد) كلمة حق، ليس فيها معنى زائد أكثر من أن تكون تمجيداً لله عز وجل، وزيادة إيمان ويقين، ولو كانت تحمل معنى آخر جديداً، لقلنا: تترك مادام الحديث فيها ضعيفاً.
بقي: ما هو الأولى؟ الأولى تركها؛ لوجود دعاء ثابت في وقت مخصوص على هيئة مخصوصة بمناسبة مخصوصة لكن من قالها لا ننكر عليه، هذا الذي يظهر لي، والله أعلم.
وقد سمعت أن سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله حسن هذه الزيادة.