فأما قول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئًا إذا كان جائيًا
فهو بمنزلة هذا في التقدير من غير إفصاح بالمعطوف عليه, إلا أن قول زهير حمل على متوهم, لأنه ليس بعطف على لفظ, ولا موضع, ولكن على توهم ذكر شيء لم يذكر, وليس كذلك الآية, لأنها حمل على متحقق, وهو العطف على الموضع, إذ موضع الفاء جزم قد عمل فيه العامل, [كما أن موضع (بالجبال) نصب قد عمل فيه العامل] , ولكن وجه الاستشهاد [به] على أنه إذا جاز في التقدير المتوهم, فهو في التقدير المتحقق أجوز.
وأما من قرأ: {وَأَكُونْ مِنَ الصَّالِحِينَ} , فهو عطف على اللفظ في {فَأَصَّدَّقَ}.
وقال عمرو بن عمار الطائي:
/152 أفقلت له صوب ولا تجهدنه ... فيدنك من أخرى القطاة فتزلق
فهذا ليس بجواب, وإنما هو عطف على النهي, كأنه قال: لا يدنك من أخرى القطاة, فالنهي في الحقيقة للمخاطب, وفي مجرى اللفظ للغائب, والمعنى لا تتعرض لإدنائه, وذلك أنه لما كان التعرض للشيء منعقدًا به انعقادًا ظاهرًا, جاز