الجوابُ عن الباب الثاني:
الذي يجوزُ في الاستفهامِ بمن عن نكرةٍ مذكورةٍ إلحاقُ علامةٍ تُؤذنُ بأنَّ الاستفهامَ عن النكرةِ المذكورةِ خاصةً, لا عن ما شاركها في اسمها, فإذا ذكرَ مرفوعاً؛ كانت علامتهُ الواوَ, وفي المنصوبِ الألفُ, وفي المجرورِ الياءُ؛ ليُؤذنَ ذلك بالحكايةِ التي تدلُّ على أن الاستفهامَ عن النكرةِ المذكورةِ.
وكانت حروفُ المد واللينِ أولى من حركاتِ الإعرابِ؛ لئلا يُوهمَ أنه لـ (من) بحقِّ الإعرابِ, وإنما تلحقُ العلامةُ؛ للإيذانِ بالحكايةِ على ما بينا, لا على حقِّ الإعرابِ.
والاستفهامُ بمن إذا قال القائلُ: رأيتُ رجلينِ, أن تقولَ: منينِ؟ , وفي أتاني رجُلانِ: منان؟ , وفي رأيتُ رجالاً: منينَ؟ , وفي رأيتُ امرأةً: منه؟ , وفي رأيتُ امرأتينِ: منتينِ؟ بسُكونِ النونِ؛ لئلا يخالفَ الأصولَ في إثباتِ العلامةِ في الوصل, مع الدليلِ على أنه للتأنيثِ من جهةِ أن المذكرَ: منينِ؟ , والمؤنثَ: منتينِ؟ كما تدُلُّ (بنتٌ) على أنه للمؤنثِ باختصاصه به؛ إذ المذكرُ: ابنٌ, فجمع البيانَ عن التأنيثِ والسلامةَ من مُخالفةِ الأصُولِ بأن بُنيَ بُنيَةَ ما هو من نفسِ الكلمةِ, على