الجر، وفي ذلك بعدٌ، وإن كانت قد عقدت بعض الكلام ببعضٍ، وليس كل شيءٍ عقد الكلام بغيره فإنه من حروف الجر كحروف العطف، وإنما يحتاج فيها إلى أن تكون للتعدية، ولو صح هذا فيها؛ لجاز في المظهر كما يجوز في المضمر؛ إذ الحال واحدةٌ.
ولا خلاف في أنه شاذٌ، إلا أن الشاذٌ إذا قل ما يخرج به عن الأصل، وكثر نظائره في جهة الشذوذ، كان أولى به، فوقوع كلمةٍ موقع كلمةٍ كثيرٌ، وإن كان على طريق الشذوذ، فأما جعل الحرف حرف إضافةٍ، وليس فيه معنى حرف الإضافة؛ ففاسدٌ.
فإن قال قائلٌ: فإن فيه معنى اللام إذا قلت: لولا زيدٌ لكان كذا وكذا، فهو بمنزلة: لأجل زيدٍ لم يكن كذا وكذا.
/64 أقيل له: ليس هو على هذا المعنى، كما أن: إذا، وإن، ليسا على معنى حرف الإضافة في قوله: إذا أتيتني أكرمتك، وإن أتيتني أكرمتك، وإن كان جملة الكلام يدل على: إني أكرمك لإتيانك، فالحرف لا يدل على هذا؛ لأنه لو كان كذلك؛ لجرى مجرى اللام في تعدية الفعل إذا قلت: أكرمك لإتيانك، فكان: أكرمك إن أتيني، بهذه المنزلة من تعدية الفعل، وليس كذلك عند أحدٍ من العلماء بالعربية؛ إذ كانت (إن) إنما هي شرطٌ تعلق الأول بالثاني على خلاف تعليق حرف الإضافة؛ لأن حرف الإضافة يوجب القطع بالفعل الذي وقع المعنى لأجله، وليس كذلك الشرط، فهذه معانٍ مختلفةٌ، ودلالتها مختلفةٌ؛ لتدل على المعاني المختلفة.