ثالثاً: إذا أدلهمت عليك الخطوب، ونزلت بك الابتلاءات والمصائب، فكن دائماً كبير الأمل في الله؛ لأن ربنا سبحانه وتعالى سيقول للمشكلة: كوني كذا، فلا تكون مشكلة، أو يقول لها: كوني أيتها المشكلة! سبب سعادة هذا الإنسان، فتكون كذلك، يعني: المرض والفقر وكثرة الابتلاءات والجار السيئ، كل هذه ظواهرها شر، مثلما قال سيدنا أبو ذر: إني أحب ثلاثة يا رسول الله! أحب المرض وأحب الموت، فهذه ظواهرها أنها سيئة، لكن ليست كذلك، فالمؤمن يقول: إن جعت رق قلبي، وإذا مرضت خف ذنبي، وإذا مت لقيت ربي، يعني: ترجم هذه الصور السيئة بالنسبة لنا إلى ترجمة إيمانية، مثل أحد الصحابة لما قطعوا له رجله قال: إن كنت قد أخذت فكم أبقيت؟ ولئن كنت ابتليت فكم عافيت؟ يعني: يا رب! إذا كنت أخذت قطعة فقد تركت قطعاً، وإن كنت يا رب! ابتليت فقد عافيت كثيراً.
إذاً: فالمسلم يرى ما بقي عنده من نعم، وعندما يزن الأمور يجد عنده نعماً كثيرة جداً، فهذه بعض الدلائل التي تشير أن العبد قد استغنى بالله عز وجل.
فإذا استغنى الناس بالدنيا استغنى بالله، وإذا فرحوا بها فرح بالله، الناس تفرح بنجاح الولد أو البنت أو أن يجد شقة أو البنت تجد لها عملاً فهذه المسائل إنما هي زائلة، والمسلم الحقيقي أو الصادق، فرحه بقربه من الله، فرحه بدرس علم، فرحه بصلاة جماعة، قيل: يا عمر بن الخطاب! ما أفضل الأعمال إليك؟ قال: صلاة جماعة، أكفى سهوها وأضمن أجرها، يعني: صلاة الجماعة فهي إن شاء الله مقبولة، وأضمن أجرها، لكن لو صليت وحدي فلا أضمن أجرها ولا آمن سهوها.