وقوله عليه الصلاة والسلام: (ومنهم سريع الغضب سريع الفيء) وهذا الذي يغصب سريعاً ويهدأ بسرعة، وكما يقول المصريون: (كلمة توديه وكلمة تجيبه).
وعلى المؤمن أن لا يكون سريع الغضب، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا تحكم وأنت عضبان).
ويذكر أن أعرابياً ثار على زوجته وهي واقفة على الدرج، فقال لها: إذا صعدت درجة فأنت طالق، وإن نزلت درجة فأنت طالق، وإن وقفت مكانك فأنت طالق، فرمت بنفسها من على الدرج، فتبسم الرجل وقال: لو مات الإمام مالك لاحتاج الناس إليك في الفقه.
ولذلك المسلم بطبيعته حليم، وكما روي عن رسول الله: (كاد الحليم أن يكون نبيا).
وعندما دخل الرجل الأعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عازم على أنه سيجعله يبتسم، قال له: يا رسول الله! تقول: إن المسيخ الدجال إذا جاء أجدبت الأرض، وتقلصت ضروع البهائم، وامتنعت السماء عن المطر، ولا طعام إلا معه، يا رسول الله! هل ترى أن أدعي أنني آمنت به، فأضرب في ثريده حتى أشبع، ثم أعود فأكفر به مرة أخرى، فتبسم الحبيب حتى بدت نواجذه، وقال: (بل يغنيك الله بما يغني عباده المؤمنين)، فقال: أين أذهب يومئذ يا رسول الله؟ فقال: (طعام المؤمنين يومئذ التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، يلهمهم الله به كما يلهمون النفس).
فالإنسان عبارة عن تركيبة من شيئين: من طينة الأرض؛ لكي يستطيع العيش عليها من عناصر الأرض جميعها؛ لأنه مركب منها، والشيء الثاني: نفخة من روح الله؛ لأن الله لم يأمر الملائكة أن تسجد لآدم إلا بعد أن نفخ فيه الروح، قال تعالى: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر:29].
ونفخة الله معناها أن الله سبحانه وتعالى يضع سره في هذا المخلوق.