يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثنا محمد بن يوسف -الفريابي- قال: حدثنا سفيان –الثوري- عن الزبير بن عدي -الهمداني- قال: أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج" في القرن الأول الصحابة متوافرون، وشكوا من الحجاج، ولقوا منه الظلم والذل، حتى الصحابة ما سلموا من ظلمه -رضوان الله عليهم-، ولا شك أن في هذا تسلية لمن يعيش في مثل هذه الأيام، الصحابة ما سلموا من ظلم الحجاج وذله وإذلاله للصحابة، شكوا الظلم وما يلقونه من ظلم الحجاج، "فقال أنس -رضي الله عنه-: "اصبروا" يعني: اصبروا عليه وعلى ظلمه، "فإنه لا يأتي عليكم زمان إلا الذي بعده شر منه" ولا شك أن في مثل هذا تسلية، لماذا؟ لأنك تنظر في مثل هذه الأمور؛ لأن هذا الأمر لا شك أنه من أمور الدنيا، وأمور الدنيا أنت مأمورٌ بأن تنظر إلى من هو دونك، فإذا نظرت إلى أنه ضيق عليك في أمور الدنيا مثلاً، تقول: الحمد لله إحنا أفضل من البلد الفلاني، وحنا بعد أفضل من اللي بيجون بعدنا، ((لا يأتي زمانٌ إلا والذي بعده شرٌ منه)) أما بالنسبة لأمور الدين لا شك أنه يوجد فيها بعض التضييق في بعض العصور، وفي بعض الأمصار، لكن من نعم الله على خلقه أن أبواب الدين متنوعة، فأنت منعت وضيق عليك من هذا الباب من أبواب الدين، وفتح لك آفاق وأبواب تلج من أوسعها ولله الحمد، هو الإشكال في أمور الدنيا التي يحصل فيها الضيق، وما في يعني بديل، إذا حصل مثل هذا في أمور الدنيا فأنت تقول: الحمد لله شوف البلدان الثانية يمين ويسار كلها أضيق منا، وأنت مأمور في مثل هذه الحالة أنت تنظر إلى من هو دونك، لكن في أمور الدين لا، لا بد أن تنظر إلى من هو أعلى منك لكي تعمل، أما في أمور الدنيا تنظر إلى من هو دونك لكي لا تزدري نعمة الله عليك، هذا فيه تسلية لك، في أمور الدين لا يجوز بحالٍ من الأحوال أن تنظر إلى من هو دونك؛ لأن مثل هذا بهذه الطريقة تنسلخ من الدين وأنت لا تشعر، تنظر إلى من هو فوقك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015