قال القاضي عياض: "هذا وهمٌ من بعض الرواة، هذا وهمٌ من بعض الرواة فإنها عربية صحيحة" وكأنه استند إلى تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- في القتل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أفصح الخلق، إذاً تكون عربية، على كل حال الأصل أصل الهرج في اللغة: الاختلاط، يقال: هرج الناس اختلطوا واختلفوا، والقاضي عياض يقول: هذه وهم، بل الكلمة عربية، ولعله استند إلى تفسير النبي -عليه الصلاة والسلام- لهذه الكلمة في القتل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- عربي، لكن يستقيم كلامه أو لا يستقيم؟ إذا قلنا: إنه وقع في القرآن المنصوص على كونه {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [(195) سورة الشعراء] أنه وجد فيه بعض الكلمات بغير العربية، فما المانع أن ينطق النبي -عليه الصلاة والسلام- بغير العربية في بعض الكلمات؟ ووجد بالفعل، الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في فتح الباري يقول: أخطأ من قال: إن الهرج القتل بلسان الحبشة، وهمٌ من بعض الرواة" أخطأ من قال: إن الهرج القتل بلسان الحبشة، وهمٌ من بعض الرواة -يعني القاضي عياض-، "ووجه الخطأ أنها لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل"، هي لا تستعمل في اللغة العربية بمعنى القتل، إنما تستعمل بمعنى الاختلاط مع الاختلاف، هذا أصلها في العربية، ولا مانع من تعريبها لكن يبقى أن أصلها حبشي، نعم الاختلاط والاختلاف طريق ووسيلة إلى القتل فيكون هذا من باب إطلاق السبب على المسبب، من باب إطلاق السبب على المسبب، وكثيراً ما يسمى الشيء باسم ما يؤول إليه، واستعمالها في القتل بطريق الحقيقة إنما هو بلغة الحبشة، إنما هو بلغة الحبشة، فكيف يدعى على مثل أبي موسى أنه وهم في تفسير لفظة لغوية؟ بل الصواب معه، واستعمال العرب الهرج بمعنى القتل لا يمنع كونها لغةً حبشية، يعني تعريبها، وكون العرب يتداولون كلمة وفدت إليهم من غيرهم لا يمنع منه مانع.