قال أبو شامة: وفي كتاب آخر فظهر في أول جمعة من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة، ووقع في شرقي المدينة المشرفة نار عظيمة بينها وبين المدينة نصف يوم انفجرت من الأرض وسال منها وادٍ من نار حتى حاذى جبل أحد، ثم وقفت وعادت إلى الساعة، ولا ندري ماذا نفعل؟ ووقت ما ظهرت دخل أهل المدينة إلى نبيهم -عليه الصلاة والسلام- مستغفرين تائبين إلى ربهم تعالى، وهذه دلائل القيامة.

المطلوب في مثل هذه الظروف والأحوال الفزع إلى الله -عز وجل-، فهو الكاشف لمثل هذه الأمور، ولا كاشف سواه، لا محمد -عليه الصلاة والسلام- أشرف الخلق ولا غيره، إنما يكشف هذه الأمور الله -عز وجل- ولا غيره.

قال: وفي كتاب آخر لما كان يوم الاثنين مستهل جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وقع بالمدينة صوت يشبه صوت الرعد البعيد تارة وتارة، أقام على هذه الحالة يومين، فلما كانت ليلة الأربعاء ثالث الشهر المذكور تعقب الصوت الذي كنا نسمعه زلازل، فلما كان يوم الجمعة خامس الشهر المذكور انبجست الحرة بنار عظيمة، يكون قدرها مثل مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهي برأي العين من المدينة نشاهدها وهي ترمي بشرر كالقصر، كما قال الله تعالى.

قطع، لهب، الله أكبر، لا إله إلا الله.

وهي بموضع يقال له: أجيلين، وقد سال من هذه النار وادٍ يكون مقداره أربع فراسخ، وعرضه أربعة أميال وعمقه قامة ونصف، وهي تجري على وجه الأرض، ويخرج منها أمهاد وجبال صغار، وتسير على وجه الأرض، وهو صخر يذوب حتى يبقى مثل الآنك، فإذا جمد صار أسود، وقبل الجمود لونه أحمر، وقد حصل بسبب هذه النار إقلاع عن المعاصي، والتقرب إلى الله تعالى بالطاعات، وخرج أمير المدينة عن مظالم كثيرة إلى أهلها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015