"باب الفتنة التي تموج كموج البحر" يعني تضطرب كاضطراب البحر عند هيجانه، "وقال ابن عيينة –سفيان- عن خلف بن حوشب –الكوفي-: كانوا -يعني السلف- يستحبون أن يتمثلوا بهذه الأبيات عند الفتن" يعني عند نزولها وحدوثها، "قال امرؤ القيس" بن عابس الكندي، كذا جزم المؤلف -رحمه الله-، وجزم المبرد في الكامل، والسهيلي في الروض وشرح السيرة أن الأبيات لعمرو بن معدِ كرب:
"الحرب أول ما تكون فتية" الحرب مؤنثة، وقد تذكر، "أول ما تكون فتية" شابةً قوية، "تسعى بزبنتها لكل جهول" في رواية سيبويه: "ببزتها" أي لباسها الجيد، جاء زيد في بزةٍ، يعني في لباسٍ حسن وجيد.
الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزبنتها لكلِّ جهولِ
الجهول: هو الغمر الذي يمكن أن يخدع، ويؤثر عليه، فهذه الحرب وهذه الفتن تستشرف أمثال هؤلاء، ثم إذا كثر هؤلاء، وتأثر بعضهم ببعض دخل فيها من غير اختيار كل من حولها.
الحرب أول ما تكون فتية ... تسعى بزبنتها لكلِّ جهولِ
"حتى إذا اشتعلت" هاجت "وشب ضرامها" ارتفع اشتعالها، تشبيهاً لها بالنار، وبين الحرب والفتن والنار ارتباط وثيق، فالحروب توقد لها النيران، حتى إذا اشتعلت هذه الفتنة والرحب، وأشعلت النيران من أجلها، وشب ضرامها، ارتفع اشتعالها في الجو "ولت" إذا اشتعلت واشتبك الناس "ولت عجوزاً غير ذات حليلِ" مقبلة شابة فتية، ثم إذا اشتبك الناس وتورطوا "ولت عجوزاً غير ذات حليلِ" لا يرغب أحدٌ في الزواج بها، ليست بذات حليل؛ لأن من يوقد النيران، ويشعل فتيل الحرب، ويؤجج الفتن بين المسلمين هذا لا يرغب فيه أحد؛ لأنه يكون سبباً للمصائب والحوادث والكوارث، مثل هذا شبهه الشاعر بالعجوز التي ليست بذات حليل، وذات زوج؛ لأنه لا يرغب فيها، لكن لما كانت مقبلة شابة استهوت الجهال، فاقتحموا غمراتها، فلما التحم الجهال وكثروا دخل فيهم من غير اختيار، أقحم فيها واقتحم من ليسوا من الجهال، فعمت الجميع، فلما تورطت الناس واشتبكوا ولت وأدبرت عنهم، لا أحد يرغب فيها؛ لأنها عجوزٌ شمطاء.
ولت عجوزاً غير ذات حليلِ ... شمطاء. . . . . . . . .