نعم هذا تقدم فيما مضى، يكفي المرء من العلم ما يوصله إلى الخشية، إلى الخشية؛ لأنه كل ما كان أخشى لله كان علمه أكثر وأعظم وأنفع، والنبي -عليه الصلاة والسلام- هو أتقى الناس وأعلمهم بالله وأخشاهم، ولا شك أن من كان بالله أعرف كان منه أخوف، والعلم الذي لا يقود إلى الخشية والخوف من الله -جل وعلا- ولا يحمل على العمل الصالح فليس بعلم.
وبحسبه جهلاً أن يعجب بعلمه: يعجب بنفسه، يعجب بنطقه، يعجب بعرضه، يعجب بنفسه، يزدري غيره، يكفيه، هذا جاهل؛ لأنه إذا جهل نفسه كان بغيره أجهل، نعم.
حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن يمان قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم قال: "كان عبد الله لطيفاً فطناً".
نعم عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل كان -رضي الله عنه وأرضاه- لطيفاً فطناً؛ لأن بعض الناس إذا ألين له الكلام وتلطف معه اتهم هذا بالغفلة، لا ما يلزم، ما يلزم، قد يكون الإنسان لطيفاً ولبقاً ويتحبب إلى الناس، ويتودد إليهم، ويتألفهم، ومع ذلك من أذكى الناس وأفطنهم، ومن هؤلاء ابن مسعود -رضي الله عنه وأرضاه- لطيف يحسن التعامل مع الناس.
وبعض اللئام يتصور الناس مثله، يتصور الناس مثله، هو لئيم ويدعي الفطنة والحذق، فيقرن هذا بهذا، فإذا انتفى اللؤم عند شخص من الأشخاص وصار قلبه طيباً سليماً صافياً قال: هذا مغفل مسكين، ولا يدري المسكين أنه هو المسكين.