هو يقول: الغريزة واحدة، لكن المؤثرات، الموانع، الأسباب تختلف من وقت إلى وقت، لكن هذا الواقع يرده، الواقع يرده؛ لأن الإنسان يجد من نفسه أحياناً الظروف واحدة، اليوم هذا وغداً أو بعد سنة أو سنتين يجد الإنسان في أول الأمر سهلاً أن يحفظ ورقة في مجلس يحفظ ورقة، لكن قد يصعب عليه فيما بعد حفظ آية، لا سيما إذا ترك الحفظ مدة طويلة ثم عاد إليه هذا يصعب عليه، يحتاج من جديد يبدأ، يبدأ من جديد، والإنسان -مما يرد كلام الماوردي- أن الإنسان يذكر ما حفظه في الصغر، يذكر ما حفظه في الصغر، لكن بعد ذلك، بعد مدة خمس عشر سنوات وإن حفظ وأتقن في وقت إلا أنه إن لم يتابع المراجعة والمذاكرة يفوته، يتلفت، الآن الذين درسوا في العلم الشرعي في المعاهد العلمية، والكليات الشرعية، ثم بعد ذلك جاءت ما بعد ذلك من المراحل، يذكر ما قرأه وحفظه في المعهد أكثر مما حفظه في الجامعة، وإن كان هذا أقرب عهد، هذا يتفق عليه هذا، يتفق عليه، وأنا أعرف كثيراً من طلاب العلم والعلماء من هو عأيش الآن على ما درسه في المعهد، نعم العلم ينمو، التصور يكون أوضح، لكن مع ذلكم العبارة وحفظها يذكر ما حفظه في الصبا أكثر مما حفظه في الكبر، والحفظ في الصغر كالنقيش في الحجر كما يقرر أهل العلم، وفي الكبر كالخط على الماء أو على التراب، يذهب بسرعة، يذهب بسرعة، والله المستعان.
يقول: ولا سمعت من رجل حديثاً فأردت أن يعيده عليَّ": فأردت أن يعيده عليَّ، ما يعيد مرة مرتين عشر عشرين، وتراجع الكتاب تحفظ قبل الحضور، وتنتبه وقت الحضور، وتذاكر بعد الانصراف، وتراجع من الغد و ... ، تثبت، عسى العلم يبقى، لكن فضل الله يعطيه من يشاء، فعلى الإنسان أن يحرص ويبذل الأسباب لحفظ العلم وتثبيته، ولا ييأس إذا كانت حافظته ضعيفة، لا ييأس؛ لأن الأجر مرتب على سلوك الطريق، على ما تقدم، ابذل السبب وأنت مأجور على بذل السبب والنتائج بيد الله -جل وعلا-، وكم من شخص برز في حفظه وفي فهمه ثم في النهاية لا شيء، ودونه بمراحل بعض الناس من صار ممن يذكر، ممن يذكر على مستوى الأمة وهو من دون الأول، لكن هذا تابع، وذاك ضيع، نعم.
طالب: أحسن الله إليكم.