فالمراد من كلام حذيفة هنا: الذي يستغفر وهو مصر على الذنب، يستغفر .. ، هذا لا شك أنه كذاب؛ لأنه يخالف، لكن من استغفر من عموم الذنوب التي تقع منه بقصد أو بغير قصد، هذا يؤجر على هذا الاستغفار، لكن إذا استغفر من ذنب هو مصر عليه وعازم على ارتكابه، هذا الذي يدخل في كلام حذيفة، نعم.

حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: "بحسب الرجل من العلم أن يخشى الله -عز وجل- وبحسب الرجل من الجهل أن يعجب بعلمه": الأثر هذا عن مسروق ابن الأجدع يسمونه مقطوعاً، والأول موقوف؛ الأول عن صحابي، والثاني عن تابعي، مقطوع.

يقول: بحسب الرجل": يعني يكفيه من العلم: ما يورث في قلبه خشية الله -عز وجل-، وهذا موافق لكلام حذيفة: وبحسب الرجل من الجهل: يكفيه أن يعجب بعلمه: إذا أعجب الإنسان بنفسه، إذا أعجب الإنسان بما حصل له من علم هذا في غاية الجهل، في غاية الجهل، والعجب بالنفس والإعجاب بها آفة، آفة من الآفات من أخطر الأمور على دين الإنسان

والعجب فاحذره إن العجب مجترف ... أعمال صاحبه في سيله العرم

فإعجاب الإنسان بنفسه آفة؛ لأنه إذا أعجب متى يعرف ما تشتمل عليه هذه النفس من نقائص وعيوب وخلل ومخالفات، ليعالج هذه النقائص؟ من أعجب بنفسه فقد ادعى لها الكمال، من أعجب بنفسه احتقر غيره، ولا شك أن العجب آفة، وهو قبيح بالنسبة لعموم الناس، وهو في من ينتسب إلى العلم وطلبه أقبح، تجد الإنسان في روضة المسجد يقرأ القرآن، فإذا خرج زيد من الناس قال: هاه، وين يبي ويش اللي يطلعه، يا أخي انشغل بنفسك، اشتغل بعيوبك، اترك الناس، وما يدريك أنه انصرف إلى عمل أفضل من عملك، وإذا قام آخر أتبعه بصره إلى أن يخرج مع الباب، مثل هذه التصرفات تورث الإعجاب، فعلى الإنسان أن يغفل عن عيوب الناس وينشغل بعيبه، نعم إذا لاحظت على أحد شيء بينك وبينه تسدي له النصيحة والدين النصيحة، أما أن تتبعه نظرك وتلقه بلسانك هذا ليس من شأن المسلم فضلاً عن طالب العلم، والله المستعان، نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015