بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل-: أن يخشى الله، ويتقي الله، والخشية والخوف باب عظيم من أبواب الدين، من أراد أن يطلع على شيء من أسرار الخشية والخوف من الله -جل وعلا- ينظر إلى منزلة الخشية في مدارج السالكين وفي غيرها من كتب ابن القيم تكلم كثيراً عن الخشية.

بحسب المرء من العلم أن يخشى الله -عز وجل- وبحسبه من الكذب أن يقول: يعني بلسانه،: استغفر الله وأتوب إليه ثم يعود": يعني يعصي الله -جل وعلا- ثم يقول: استغفر الله، ثم يعود، هذا يسمى كذب؛ لأنه يخالف الواقع، يخالف الواقع، لكن الإنسان مفترض فيه أنه غير معصوم، تقع منه الهفوة، وتقع منه الزلة وهو مأمور بالاستغفار، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يستغفر الله -جل وعلا- في اليوم أكثر من مائة مرة، وفي المجلس قد يستغفر الله سبعين مرة، فالاستغفار مطلوب، وفي الحديث الذي فيه مقال: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً)).

وجاء في الباب قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [(33) سورة الأنفال]، فالاستغفار يدفع الله به الشرور والآفات، ويرفع الله به الدرجات ويحط به الخطيئات، فهو مطلوب، ومع ذلك نستغفر، والإنسان وهو يستغفر بلسانه يعالج قلبه في الاستحضار، ومعنى الاستغفار، ولماذا يستغفر، ومم يستغفر، يعالج قلبه، أما لو عملنا بهذا وقلنا: إن الاستغفار مجرد باللسان ما ينفع معناه ما نذكر الله أبداً؛ لأن كثير من الناس يستغفر الله ويسبح ويهلل ويذكر الله -جل وعلا- قائماً وقاعداً ومع ذلك بلسانه، والحمد لله أن أكثر النصوص جاءت بلفظ من قال: كذا، يعني رتبت الأجور على مجرد القول، وهذا من فضل الله -جل وعلا-، كونك يستحضر قلبك لهذه الأذكار قدر زائد على مجرد القول، ولذا كان الأجر المرتب على قراءة القرآن هو مجرد النطق بالقرآن، على الحروف فقط، لكل حرف عشر حسنات، لكن تدبرت لك أجر قدر زائد، رتلت لك أجر زائد، استنبطت لك أجر زائد، عملت لك أجر زائد، كل شيء بأجره، كل هذا في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، يحرص الإنسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015