يتركون تسعة أعشار الحلال؛ لأنك إذا استوعبت الحلال تبي تطلب هذا الحلال لأن النفس تعودت عليه، أحياناً لن تجده من أبوابه، ما كل يوم يتيسر لك هذا الشيء الذي اعتدته من وجهه، تبي تتجاوز تقول: المكروه ما فيه إثم، المكروه ما فيه إثم، ثم تجرؤ على المكروه، ثم بعد ذلك قد تحتاجه وتضطر إليه، ما تجده إلا من طريق المحرم، والنفس. . . . . . . . . عليه.
قد يكون الإنسان في أول الأمر لا يقدم على محرم صريح، لكن مع الوقت، مع الوقت يسهل عليه؛ لأنه مع كثرة الإمساس يقل الإحساس، ولذا تجدون كثير من الإخوان -كثير لا أقول الجميع- الذين صاروا في المقاولات، تجده في أول الأمر من أورع الناس، ووجد منهم من صار نصاباً، وأيش يصير؟
يصير أول الأمر يتحرى، عنده حسابات دقيقة، أنا أخذت عمارة من فلان، كشف حساب مستقل، ودراهمه لها رقم خاص، والثاني كذلك، والثالث، والرابع، والخامس، أعطاه هذا الأول مبالغ ما يحتاجها اليوم يحتاجها الثاني، صار يقترض من هذا لهذا، سهل عليه الأمر، سهل عليه التصرف في أموال الناس، ثم صار يحتاج هو لنفسه، حوائج البيت والله نقصت اليوم، عندنا حساب لفلان جالس متى ما بغاه ومتى ما احتاجه اطلعه، ثم بعد ذلك مع الوقت يتساهل، فالورع وحزم النفس وأطرها على الوقوف عند حد الله -جل وعلا- هذا خير الدين، لكنه من أشق الأمور إلا على من يسره الله عليه، مثل ما يقول: "ما رأيت شيئاً أهون من الورع" وذكر في ترجمته أمور؛ لأن النفس مجموعة ملكات، مجموعة .. ، يعني مجموعة متراكبة من أمور يكمل بعضها بعض.
هل تظن الذي يقول: "ما رأيت شيئاً أهون من الورع" مخل في صلاته، أو مخل بصيامه، أو .. ؟ لا، لا أبداً، هذه أمور متكاملة عنده يدعم بعضها بعضاً، ويسهل بعضها بعضاً، فلا يتصور من إنسان يتساهل بالصلاة يبي يقول: أبى احصل علم، لا يمكن، أو مقصر في صيام أو يتناول بعض المحرمات و. . . . . . . . .، لا أبداً، لا بد أن تتعرف على الله -جل وعلا- في الرخاء ليعرفك في مثل هذه الأمور، في الشدائد.
سم
طالب: أحسن الله إليكم.