على كل حال الخير يطلق ويراد به أمور كثيرة جداً، لكن إذا قرن بالتعليم فالمراد به العلم، وإلا فالمال خير، وجاء في القرآن تسميته خيراً، {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [(180) سورة البقرة] يعني مالاً، فالمال يقال له: خير، لا سيما إذا اكتسب من وجوهه شرعية وأنفق في مصارفه الشرعية، لكن إذا اقترن بالتعليم فالمراد به العلم، وهنا يقول: إن الذي يعلم الناس: فالمراد به العلم.
يقول: كيف لطالب العلم أن يعمل بعد هذه الأخبار التي تحث على التعلم والأحاديث التي تحث على درء الفتيا ووجود أهل الفتيا في أكثر الأماكن؟
أما قوله: كيف يعمل بهذه الأخبار التي تحث على التعلم، أولاً: الحث على التعلم جاءت به نصوص الكتاب والسنة، ولم يطلب من النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يطلب المزيد من شيء إلا من العلم، وقد استشهد الله -جل وعلا- العلماء على أعظم مشهود به، وهو الشهادة له بالوحدانية، ولا يطلب لمثل هذا الأمر العظيم إلا الشهود العظماء، فقد شهد الله -جل وعلا- لنفسه، وشهد له ملائكته، وشهد له أولو العلم، بأنه لا إله إلا هو، فمنزلتهم لا شك أنها في الشرع عظيمة جداً.
أما بالنسبة لدرء الفتيا فالمقصود به إذا لم تتعين؛ لأنها إذا لم تتعين ووجد من يفتي غيرك فأنت في حل، وأنت معرض للخطأ الصواب ادرأ مثل هذا الأمر، لكن إذا تعين عليك الإجابة، عليك أن تجيب: ((من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة))، فلا بد من التعلم، ما يقول الإنسان: والله أنا علي وعيد إذا أفتيت، أنا علي وعيد إذا أخطأت، لكن عليك أن تبذل الجهد، وتخلص لربك وتنصح لدينك، وإذا أخطأت لك أجر، مأجور، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك.