وإذا كان الأكل من الطعام والشرب من الشراب يقوم به دنيا الإنسان، ويقوم به أوده وجسمه، وبواسطته تتم عمارة الأرض، فالعلم يقوم به دين الإنسان الذي هو رأس ماله، دينك دينك، إنما هو لحمك ودمك، فالدين هو رأس المال، وإذا كنا ننتقي أطيب الطعام، ونأكل قبله المشهيات، ونشرب بعده المهضمات فلا أقل من أن يهتم الإنسان بدينه مثل اهتمامه ببدنه، والأصل أن يكون أعظم؛ لأنه إنما خلق للعبودية، لعبادة الله -جل وعلا- وخشية من أن يساق وراء هذه العبودية فينسى الدنيا التي بواسطتها وبها -بل هي ظرف لإقامة هذه العبودية- قيل له: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص]، {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}؛ لأن المسلم المعبد المذلل لله -جل وعلا- بصدد تحقيق هذه العبودية بحيث يخشى عليه أن ينسى نصيبه من الدنيا فاحتاج أن يذكر بها.

لكن من نظر في واقع المسلمين عموماً، لا أقول: العامة فقط، بل بعض طلاب العلم، بل بعض من ينتسب إلى العلم هو بحاجة ماسة إلى أن يقال له: لا تنس نصيبك من الآخرة؛ لأنه انهمك في أمور دنياه ونسي آخرته.

مثل هذا الكتاب يحدونا ويسوقنا إلى المزيد والاستزادة من العلم، والعلم يدلنا إلى ربنا، وإلى طريقه السوي المستقيم، ويجعلنا نعبد الله على بصيرة، ولذا تم اختيار هذا الكتاب؛ ليشرح في هذه الأيام الثلاثة -إن شاء الله تعالى- ونحن في مكان طيب مبارك -بيت من بيوت الله- نرجو أن نكون في روضة من رياض الجنة، تحفنا الملائكة، ولا ننسى من سعى في بنائه، وسعى في تجديده أيضاً، الباني الأصلي، والمجدد لهذا المسجد فندعو لهم بالمغفرة والرحمة والرضوان، والتسديد في القول والعمل، وأن يحشرنا معهم في زمرة نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام-.

قبل البدء بالكتاب يحسن التعريف بمؤلفه، وذكرت أن كنيته أبو خيثمة زهير بن حرب النسائي شيخ من شيوخ الأئمة -أئمة الإسلام البخاري ومسلم- والشيخ كتب -الشيخ عمر جزاه الله خيراً- كتب نبذة يسيرة عن صاحب بالكتاب يتحفنا بها -جزاه الله خيراً- تفضل.

بسم الله الرحمن الرحيم، هذه الترجمة جاءت –أيضاً- بناءً على مشورة شيخنا وفقه الله وأثابه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015