نعم أبو هريرة -رضي الله عنه- إذا نظر إلى أبي صالح ذكوان السمان من الملازمين لأبي هريرة، ومن الآخذين عنه، إذا نظر إليه وهو مولى، مولى جويرية بنت الأحمس، هو مولى، أبو صالح مولى، إذا نظر إليه أبو هريرة "قال: "ما كان على هذا أن يكون من بني عبد مناف" ما ضره ما فاته، لا يضره ما فاته من نسب، بعد أن جمع من العلم والعمل ما جمع، ولا شك أن العلم كمال، فمن اتصف به لا يضره ما يفوته لا سيما إذا اقترن بالعمل، إذا اقترن العلم بالعمل لا يضر الإنسان ما فاته من أمور الدنيا، لا في مال ولا في نسب، ولا في جمال، ولا في جاه، ما يضره أبداً؛ لأنه حصل على أعظم ذخر، أعظم ذخر يوصله إلى الله -جل وعلا- وإلى مرضاته، هذا العلم إذا اقترن بالعمل، وأُخذ عن أهله بالإخلاص والاتباع، وعمل به هذا هو الذخر الذي ينبغي أن يدخره الإنسان لنفسه، نعم.
"حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا يحيى بن يمان عن الأعمش عن أبي صالح قال: "ما كنت أتمنى من الدنيا إلا ثوبين أبيضين أجالس فيهما أبا هريرة".
هذا أبو صالح السمان الذي سبق ذكره، وهو مولى يتمنى من الدنيا ويش يتمنى؟ يتمنى الملايين والمليارات أو القصور أو العمائر الشاهقة، أو الضياع والمزارع والاستراحات أو المراكب الفارهة، ما يتمنى شيء، يتمنى ثوبين أبيضين، ثوبين مثل ثيابنا هذه يعلق واحد بالدالوب ويلبس واحد؟ لا، ثوبين معناه إزار ورداء، يبي يلبسهم مرة واحدة، يتمنى ثوبين أبيضين بس، على شان إيش؟ يبي يقابل الأمير الفلاني أو الوزير الفلاني أو الملك الفلاني أو التاجر الفلاني علشان ما ينتقد؟ لا، يبي يجالس أبا هريرة من فقراء المسلمين "أجالس فيهما أبا هريرة" ليأخذ عنه العلم، والمسلم مأمور بالنظافة المناسبة، ما هو بالمبالغة في النظافة، فالبذاذة من الإيمان، لكن يبقى أن الإنسان عليه أن يتوسط في أموره كلها، بحيث لا يزدرى بين الناس ويحتقر، ولا يظن به ظن السوء، ولا أيضاً يبالغ في نظافة بدنه أو ثوبه مبالغة تعوقه عن تحصيل ما ينفعه، فديننا وسط، ولله الحمد، نعم.
أحسن الله إليك: