كلها فيها منكرات تحتاج إلى وقفة صادقة بالإنكار، بالطرق التي تتاح للإنسان بحيث لا يترتب عليها مفسدة أعظم منها.
قال: حدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: حدثنا عبد الله، هذا هو الراوي عن المؤلف "قال: حدثنا أبو خيثمة": المؤلف، "قال: حدثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال: "تذاكروا الحديث فإن حياته ذكره": يعني ينتقي طالب العلم بعض الأقران المعروفين بجودة الفهم وقوة الحفظ والجد، فيذاكر معه أو معهم ما حفظ، يذاكر معهم ما فهم، والطريقة لحضور الدروس وتحضيرها ومذاكرتها، ولا يفلح طالب العلم حتى يعتني بدرسه، فيقرأ الدرس قبل الحضور، ويحفظ ما يراد حفظه، ويراجع ما يمكنه من الشروح، ثم يحضر الدرس إلى الشيخ ويناقش، ويسأل عما يشكل عليه، وينصت ويتأدب، ثم بعد ذلك إذا انتهى الدرس تذاكر الأقران، ذاكر الأقران بما حفظ وبما فهم وبما سمع، وقل أن يفلح طالب العلم الذي لا يعرف الكتاب إلا في الدرس، قل أن يفلح، فالعلم متين لا يأتى بسهولة ولا يستطاع براحة الجسم، فلا بد من المعاناة، لا بد من الاهتمام قبل حضور الدرس، والإنصات والإفادة والانتباه أثناء حضور الدرس، ومناقشة الشيخ عما يشكل، ثم بعد ذلك بعد الانصراف من الدرس يتذاكر الطالب مع أقرانه، لا سيما مع من عرف منهم بالجد، أما الأقران المعروفين بالهزل فهؤلاء يضيعون الوقت، فلا يحسن رفقتهم إلا على شيء يسير منهم بحيث يفيدهم ويستفيد منهم بقدر الحاجة، ولا يضيع وقته معهم، أما الطلاب -طلاب العلم الجادون- فهؤلاء هم الذين يصطفون، لا سيما إذا عرفوا مع حرصهم على العلم شيء من العمل، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [(28) سورة الكهف]، أما أهل اللهو والغفلة والطرائف والنكت هؤلاء يضيعون الوقت، والله المستعان نعم.