ويقول الحافظ ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "ومن فضل عالماً على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بالسلف"؛ لأنهم ليسو أهل كلام، ليسو أهل كلام، وليسو أهل تشقيق للكلام وتفريع وتنظير لا، أبداً يعطيك الجواب، يعجبني، أكره، لا يعجبني، وقد اقتفى أثرهم من جاء بعدهم من سادات هذه الأمة من علماء هذه الأمة كمالك وأحمد وغيرهما، جوابهم قصير مختصر، وتجد الآن إذا سئل الإنسان عن مسألة فأجاب بسطر قال: ما ينقد عليَّ؟ سطر ما يسوى الكتابة، فتجده يأتي بكلام له حاجة، وكلام لا حاجة إليه من أجل أن يقال: ما شاء الله عنده بحور العلم، ما هو بصحيح؛ ليس مرد هذا كثرة الكلام، وإلا يوجد من الكتب الغثاء التي يملأ المكتبات الآن، بسبب مسألة واحدة يطبع له كتاب كبير، نعم قد يحتاج إلى شيء من التوضيح، يحتاج إلى شيء من البيان، يحتاج إلى شيء من التفصيل، هذا مطلوب، لكن إذا كانت المسألة ليست بحاجة، المسألة لا تحتاج إلى هذا، شيخ الإسلام يسأل عن المسألة الواحدة يفتي بمائتي صفحة، لكن عصره وجيله ووقته وقت شبه تحتاج إلى تجلية، وتحتاج إلى توضيح وبيان، كتب عن فتوى مائتين وثلاثين صفحة يقول: وصاحبها مستوفز يريدها، يعني ما تورث يبي هذه الفتوى، لكن العصر والشبه التي نشرت فيه تحتاج إلى توضيح، تحتاج إلى تجلية، تحتاج إلى بيان، لكن أحياناً كتب مسائل واضحة وما فيها شيء، أو ليست مسائل ما هن شيء، لكن لا بد يكتب، يقول: ها أنا موجود، لا بد أن يقول هذا، فتجده يفتح الأمور ويكرر ويزيد وينقص ويشرق ويغرب ويطلع للناس كتاباً ما يدرى وأيش رأسه من صاصه، هذا موجود، غثاء كثير في المكتبات، لكن علم السلف غير، فنصيحتي لكل طالب علم أن يقرأ كتاب (فضل علم السلف على الخلف) للحافظ ابن رجب؛ ليعرف مقدار السلف، لا يأتينا من يقول: أنه لو جمع علم الصحابة كلهم ما عادل فتاوى ابن تيمية، ما هو بصحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015