الصيام ركن من أركان الإسلام -أعني صيام رمضان-، يليه ما يوجبه الإنسان على نفسه يجب الوفاء به، الكفارات يجب الوفاء بها، إذا لم يجد العتق عدل إلى الصيام، وما عدى ذلك تطوع.
أفصل الصيام صيام داود، كما جاء في الحديث الصحيح ((أفصل الصيام صيام داود يصوم يوماً، ويفطر يوماً)) كما أن ((أفضل القيام قيام داود -عليه السلام- ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه)) فصيام داود هذا وصف الصيام على الإطلاق؛ لكن قد يكون هناك شيء مما يخل بترتيب الإنسان وتنظيمه نفسه على هذا الصيام الفاضل، قد يتعارض عنده نصوص، فإذا اقتضى صيام داود أن يصوم الجمعة مثلاً، يعني يفطر الخميس يصوم الجمعة يفطر السبت، يترتب على ذلك إفراد الجمعة، إذا أفطر الجمعة وصام السبت، صام الأحد يترتب على ذلك إفراد السبت، وهكذا.
فهل نستطيع أن نوفق بين ما جاء النهي عن إفراده وبين صيام داود؟ وهل نستطيع أن نجمع بين أكثر من نص في صيام النوافل المرغب فيها؟ هل نستطيع أن نصوم البيض مع صيام داود؟ هل نستطيع أن نصوم الاثنين والخميس مع صيام داود؟ إن صمنا الاثنين ما صمنا الخميس، وإن صمنا الخميس ما صمنا الاثنين وهكذا، هذا ظاهر، فعلينا أن نرجح، فهل معنى الإطلاق في ((أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)) على إطلاقه، بمعنى أنه يستمر طول العام، يستثني من ذلك الأيام التي يحرم صيامها، كيومي العيدين وأيام التشريق، وما عدى ذلك يصوم يوماً ويفطر يوماً، ولو اقتضى الأمر أن يكون بعض هذه الأيام مفضولاً بالنسبة إلى غيرها، تصورنا أو ما تصورنا؟ نعم، يعني إذا صمنا على صيام داود صمنا السبت والاثنين والأربعاء، واضطررنا أن نفرد الجمعة بالصيام، والأسبوع الثاني تجي تصوم إيش؟ الأحد والثلاثاء والخميس تفرد السبت بالصيام الثاني، فهل نقول: نطرد هذا ونصوم يوماً ونفطر يوماً طول العام ولا نستثني من ذلك إلا ما حرم صيامه؟ أو نقول: نحرص على أن نصوم صيام داود ونقدم الأيام الفاضلة كالبيض والاثنين والخميس، ويكون ما جاء في الحث على صيام داود أغلبي؟