كيف نقول: باستحباب صيام العشر، والرسول -عليه الصلاة والسلام- ما كان يصومها؟ نقول: أيضاً الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وحث على العمرة في رمضان وقال: ((تعدل حجة)) وفي رواية: ((كحجة معي)) وما اعتمر في مرضان، ويكفينا من ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام- في تفضيل العمل الصالح في هذه الأيام، ومن أفضل الأعمال الصيام، فإذا ربطنا هذا بهذا قلنا: الصيام في هذه العشر مستحب، كونه -عليه الصلاة والسلام- ما صام، لحديث عائشة في مسلم لما أشرنا إليه في صيام داود؛ لأنه يتولى الأعمال العامة للأمة، أعمال الأمة منوطة به، والأمر الثاني: أنه لو تضافر قوله مع فعله ما طابت نفس المسلم إلا أن يفعل، إيش معنى هذا الكلام؟ في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((عمرة في رمضان تعدل حجة)) وفي رواية: ((حجة معي)) وترون الزحام امتثالاً لهذا التوجيه، الزحام الشديد، يعني كيف تتصور الوضع لو كان النبي -عليه الصلاة والسلام- مع ذلك اعتمر في رمضان، لكان الأمر أشد، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يبين فضل العمل ويتركه شفقة بالأمة، دخل الكعبة وهو نادم على ذلك خشية أن يشق على أمته، قام ليلتين أو ثلاث من رمضان وترك خشية أن يفرض القيام على الأمة، وهذا من شفقته -عليه الصلاة والسلام- ونصحه لأمته، ولا يأتي من يقول: أن صيام العشر غير مشروع؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما صام، نقول: لا، مشروع، أفضل الأعمال ((ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من عشر ذي الحجة)) والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يقول: "ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم العشر من حديث بعض أمهات المؤمنين" فكون عائشة تقول: ما صام، وأخرى تثبت أنه صام، والقاعدة أن المثبت مقدم على النافي؛ لأنه على زيادة علم، يحتمل أن عائشة لطول العهد نسيت، وغيرها حفظوا أكثر؛ لأنها عمرت بعده قرابة خمسين سنة، وأثبت غيرها أنه صام، فالمقصود أن صيام العشر من أفضل الأعمال، من أفضل ما يتقرب به الإنسان، وهذا محفوظ عن سلف هذه الأمة وأئمتها.

((من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله)).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015