وعن همام عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((إياكم والوصال، إياكم والوصال، قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله قال: إني لست في ذلك مثلكم))، إني لست في ذلك مثلكم، وهناك قال: ((إني لست كهيئتكم))، يعني: وضعي يختف عن وضعكم إني أبيت بيان للجملة السابقة، لماذا لمن يكن مثلهم؟ أليس -عليه الصلاة والسلام- مركب من لحم ودم عظم مثلهم؟ بلى لكن بيان ذلك في قوله: ((إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فكلفوا، أو فكلفوا من العمل مالكم به طاقة))، اكلفوا من العمل ما تطيقون، ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه))، فهذه المشادة لا شك أنها تؤدي إلى انقطاع، تؤدي إلى انقطاع، ولذا جاء في الحديث: ((ولن يمل الله حتى تملوا، حتى تملوا)) والملل من المخلوق حاصل لا محالة، وهو مجبول عليه، وحينئذ تضطرون إلى انقطاع العمل فينقطع الأجر ولا شك أن العمل الدائم ولو كان قليلا كما جاء في الحديث الصحيح أفضل من العمل المنقطع ولو كان كثيرا، والمنبت الذي لا ظهرا أبقى ولا أرض قطع، تجده يسيء استعمال الدابة ويكلفها مالا تطيق ثم في النهاية تنقطع الدابة وينقطع عن المسير، لا ظهر أبقى وأرض قطع، وبعض الإخوان من طلاب العلم تجده في أول الأمر يتحمس لطلب العلم ثم يقرر على نفسه أن يحفظ في كل يوم جزاء من القرآن، ويستغرق الوقت كله، ويحفظ حفظ في الغالب أنه لا يثبت، لأنه كلف نفسه مالا تطيق، ثم بعد ذلك إذا تعب في هذا اليوم يحتاج إلى أن يرتاح أسبوع أفضل هكذا وإلا يقسم الجزء على الأسبوع، يقسم لكي يبقى الإستمرار من جهة ويضمن ثبات الحفظ من جهة أخرى، وهذا نظير من يصلي في اليوم مثلا مائة ركعة ثم في الثاني لم يصلي شيء، أو في اليوم الثاني يصلي وفي الثالث ينقطع، أكلفوا من العمل ما لكم به طاقة، يعني: لا تكلفوا أنفسكم مالا تطيقون.