أبو هريرة عن فتياه فيمن أصبح جنبا أنه لا يصوم"، وقد يتناول ذلك أيضا على وجه أخر من حيث لا يقع النسخ وهو أن يكون معناه: من أصبح مجامعا، من أصبح مجامعا، هنا يقول: من أصبح إذا نودي للصلاة وأحدكم جنب، وهنا يقول: كأن معناه من أصبح مجامعا فلا صوم له، وهذا صحيح، من أصبح مجامعا يعني طلع الفجر وهو لم ينته من عمله صيامه باطل، صيامه باطل، لكن إذا انتهى قبل طلوع الصبح، ولم يقبل عليه إلا الاغتسال صيامه صحيح.

والشيء قد يسمى باسم غيره إذا كان مآله في العاقبة إليه، يعني مآله إلى الاغتسال مآله إلى الاغتسال، أو مرضوح كما قاله الشافعي -رحمه الله- والبخاري، نعم حديث أبي هريرة ومصرح برفعه إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - لم يخرج في الصحيح في الأصول على سبيل الاحتجاج وإنما ذكره البخاري تعليقا خرجه ابن ماجه، هما في الصحيحين من حديث عائشة وأم سلمة أرجح منه بلا نزاع، يعني عند الترجيح بينما ورد في الصحيحين وغيرهما، ما في الصحيحين مرجح على ما في غيرهما.

وأرفع الصحيح مرويهما ... ثم البخاري فمسلم فما شرطهما حوى

ثم شرط الجعفي فمسلم ... ثم شرط أي غير يكف

هنا ما في الصحيحين عند الترجيح هو الذي اختاره الأمام الشافعي والبخاري مرجح على ما جاء عن أبي هريرة وما يحتاج أن نقول بالنسخ، إنما هذا رأي رآه وسمع فيه خبرا بواسطة الفضل بن عباس فأفتى بمقتضاه، وعلى ذلك ما ذكرته عائشة وأم سلمة مرجح عما ذكره أبو هريرة وغيره من الصحابة، ولو كان بإسناد كالشمس في مثل هذا الباب، لماذا؟ أي: ما يذكره أمهات المؤمنين في هذا الباب خاصة مرجح وإلا ما يذكره أبو بكر وعمر في هذا الباب أيضا، أمهات المؤمنين لأنهن يعرفن من حاله عليه الصلاة والسلام في هذا الأمر الخاص بهن مالا يعرفه غيرهن، ولذلك هن مرجع الصحابة في هذا الباب، أمهات المؤمنين مرجع لصحابة في هذا الباب، لأنهن طرف في الموضوع، وغيرهن إنما يبلغه بخبر، غير أمهات المؤمنين إنما يبلغه الأمر بخبر لا معاينة ومشاهدة كما يحصل لأمهات المؤمنين، ولذلك قال أبو هريرة هن أعرف، لما نوقش قال أبو هريرة: هن أعرف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015