القول الثاني: وهو مذهب أحمد أن الحجامة مفطرة واحتجوا:
1 - بحديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عبد الرحمن للصائم والمواصلة ولم يحرمها إبقاء على أصحابه» هذا الحديث صحيح الإسناد.
والجواب على هذا الحديث أن قوله: لم يحرمها إبقاء على أصحابه، نقول هذا فهم الراوي وظنه، وقد أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك فالنهي كافٍ والنهي يقتضي التحريم، وأيضًا قد خالفه جمهور الصحابة، وقوله: «إبقاء على أصحابه» هذا متعلق بالنهي.
فالصحيح أنه لا يصح في أن الحجامة ناسخة أو لا تفطر سوى ما أخرجه البخاري في هذا «أنه احتجم وهو صائم» ولكن لا يتم الاستدلال لهذا الحديث على أن الحجامة غير مفطرة إلا بعد أربع مقدمات كما قال ابن القيم: وهي:
1 - أن يكون احتجم وهو صائم في فرض؛ لأنه إذا احتجم وهو نفل فالنفل يجوز الخروج منه.
2 - أن يكون مقيمًا؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد يكون احتجم وهو مسافر والمسافر يجوز له الفطر.
3 - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - سليمًا أما إذا كان مريضًا وقد احتاج إلى الحجامة فاحتجم فيكون كالمريض الذي احتاج إلى الفطر بالحجامة.
4 - أن يكون متأخرًا عن حديث: «أفطر الحاجم والمحجوم».
قال ابن القيم: ولا سبيل إلى إثبات واحدة فكيف بالأربعة مجتمعة فلا