قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن السنة لزوم الجماعة، فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وكان ضالاً مضلاً].
قوله: (ومن السنة لزوم الجماعة)، يعني: لزوم جماعة المسلمين، وجماعة المسلمين هم الصحابة والتابعون وتابعوهم والأئمة من بعدهم، فيجب على المسلم أن يلزم جماعة المسلمين ولا يشذ عنهم في الاعتقادات وفي الأعمال وفي الأقوال وفي الأفعال، قال الله عز وجل: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء:115]، فمن زعم أنه مخالف لجماعة المسلمين فهو متبع لغير سبيل المؤمنين وهو متوعد بأن يوليه الله ما تولى ويصليه جهنم.
والجماعة هم الصحابة والتابعون، وهم الذين يعملون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي، ويحذرون من البدع في الأقوال والأعمال والاعتقادات والنيات، قال عليه الصلاة والسلام: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قلنا: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، وفي لفظ: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة).
وروي هذا الحديث بألفاظ متعددة، وفيه أنه يجب لزوم الجماعة، وهي الفرقة الناجية، وهم أهل السنة والجماعة وهم أهل الحق، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى).
فإذاً: من السنة لزوم الجماعة ولزوم الجماعة هو العمل بالسنة، والعمل بما كان يعمل به جماعة المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهم أهل الحق، ولزوم طريقتهم في الاعتقادات وفي الأعمال وفي الأقوال، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: (فمن رغب عن الجماعة وفارقها فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وكان ضالاً مضلاً) فمن رغب في غير جماعة المسلمين وفارقها فهو كافر؛ لأنه خرج عن الطريق المستقيم الذي كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة، فالصحابة والتابعون والأئمة يعتقدون ما جاء في الكتاب والسنة من توحيد الله والإخلاص في الدين له، والإيمان بأسمائه وصفاته وأفعاله، فيمتثلون الأوامر ويجتنبون النواهي، فمن رغب عن الجماعة خالفهم في الاعتقاد وخالفهم في الأعمال، ومن خالفهم فقد خرج من الإسلام وكان ضالاً مضلاً.