فالصلوات الخمس هي المفروضة، ويسمى ما زاد عليها نوافل، والنوافل تنقسم إلى قسمين، رواتب ونوافل مطلقة أو صلاة ذات أسباب، واضح الآن المسألة.
فالعبد المؤمن يسير على منهج الله، ومنهج الله كمركب نوح، وهو كنوح، قال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي} [نوح:28]، فما عنده أحد أهم من نفسه،: {وَلِوَالِدَيَّ} [نوح:28]، فما في أحد له حق أعظم من الوالدين،: {وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} [نوح:28]، فمؤمن أعرفه يدخل بيتي ويغدو أقرب من مؤمن لا أعرفه، فلما فرغ من الوالدين ومن دخل بيتي مؤمناً قال {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح:28].
والله يقول: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء:26].
فالقريب منك أولى من البعيد، والمسكين الذي من ديارك ومن أهلك أولى من المسكين الذي مسافر، ثم أتى ابن السبيل بعده.
هذا كله ترتيب الله جل وعلا، فجعل الفرائض أحب إليه من النوافل، لكن النوافل حبيبة إليه جل وعلا، فعندما نريد أن نتقرب إليه جل وعلا فإننا نبدأ بالفرائض، ثم إذا أحسنا الفرائض فإننا نحسن النوافل، فبفعل الفرائض والنوافل تنال محبة الله.
وقد قال بعض أهل العلم: إن من الغرائب في الناس أن الإنسان يخشع في صلاة الليل، وهذا محمود، لكن ينبغي أن يكون الخشوع أولاً في صلاة الفريضة، فينبغي أن يسعى الإنسان في إقامة الفريضة على الوجه الأكمل، ثم بعد ذلك يسعى على الوجه الأكمل في أداء النوافل.
والصوم له نوافل، فشهر رمضان صيامه أحب إلى الله من صيام الإثنين والخميس، وصلاة الظهر أحب إلى الله من النوافل التي بعدها أو قبلها، وإن كان الكل حبيب إلى الله، لكن حتى تسير إلى الله سر على منهج الله، فإذا قدر لامرئ أنه رزق يقيناً وإيماناً وصلاحاً، وجمع مع ذلك القيام بالفرائض والنوافل، نال محبة الله، فما الذي سينجم عن نيل محبة الله وتحقيق ولايته، هذا الذي سيخبر عنه رسولنا صلى الله عليه وسلم على لسان ربه.