نعم هناك شيء من الراحة والاطمنان، راحة النفس والمتعة والاستجمام قد يوجد، لكن في الغالب أن هذا على حساب ما يعين على العبادة، من ذلك لما فتحت الدنيا انصرف الناس إليها، أقبلت عليهم بزهرتها فانصرف الناس إليها وتركوا الآخرة، فكون الإنسان يجلس في مكان إن أصابته الشمس بحرها ولهيبها تذكر فيح جهنم -نسأل الله السلامة- تذكر حر جهنم، إذا لفحه البرد القارس بشدته تذكر زمهرير جهنم، هذا لا شك أنه يذكره في الآخرة، لكن ماذا عما لو كان في بلد لا حر فيه مقلق، ولا برد فيه مؤذٍ ولا قاتل، مثل هذا يغفل عن الآخرة، إذا وجدت المناظر الطبيعية انشغل الإنسان بها عما ينفعه في آخرته، إذا وجد الرخاء: ((هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء)) كذلك، كل هذا على حساب ما يوصل إلى الله -جل وعلا- والدار الآخرة.
ولا يعني أن الإنسان يعذب نفسه أو يعذب من تحت يده، لا، لكن يوازن بين مصالح دينه ودنياه، فيؤثر الباقي على الفاني، وهؤلاء يبسون يخرجون من المدينة خروجاً سريعاً يحثون فيه المطي من أجل الرخاء، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون.
((ثم يفتح اليمن فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، ثم يفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون)): نعم المدنية ما فيها شيء يغري من أمور الدنيا، لكن فيها مضاعفة الحسنات، مضاعفة الصلوات، فأيضاً الصبر على لأوائها، وجاءت فيه من النصوص ما جاء مما تقدم، المقصود أن الصبر على مثل هذا لا شك أن عاقبته حميدة.
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((يفتح اليمن فيأتي قوم يبسون فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم)): يعني ممن أجاب دعوتهم: ((هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء)) كما تقدم.