ومنهم من يقول: إن النهي عن الكتابة؛ لئلا يعتمد الإنسان عليها فيضيع الحفظ، وهذا شيء مجرب ومشاهد، الذي يعتمد على الكتابة لا يثبت في ذهنه شيء؛ لأنه اعتمد على غيره، الذي يعتمد على الكتابة لا يثبت في ذهنه المحفوظ، وجرب الإخوان كلهم لما كانت التلفونات والأدلة الصغيرة التي في الجيوب التي تسجله ما أنت بحافظه، صحيح وإلا لا؟ الرقم الذي تسجله خلاص على ها الكتابة ذه، ثم جاءت عاد الجوالات التي تخزن ما يمكن تحفظ ولا تستذكر ولا شيء، يقسم واحد أنه ما يعرف كم رقم أمه، يضغط على رقم كذا الوالدة وتطلع ليش؟ لأنهم اعتمدوا، فالاعتماد هذا مشكلة، ولذلك تجدون على مر العصور الحافظة في ضعف؛ لوجود الوسائل التي يعتمد عليها، الحافظة ضعفت لما كثرت الكتابة وانتشرت، ثم بعد ذلك مشى الناس على الكتابة وجوزت بالإجماع وطلبت؛ لأنها بها حفظ العلم ودون، ثم جاءت الطباعة وأيش صار بعد الطباعة؟ الإنسان إذا احتاج كتاب نسخه، استعاره ونسخه، والتجربة تثبت أن الكتابة أفضل من القراءة عشر مرات، يثبت الكتاب إذا كتبته، يعني يثبت إذا حفظته؛ هذا أفضل، لكن إذا ما حفظته وكتبته تتصور الكتاب، ثم جاءت الطباعة تأتي بالكتاب عشرة مجلدات عشرين مجلد ترصه في الدالوب، وهذا آخر عهدك به، ولذا أفتى بعض شيوخ الأزهر بتحريم طباعة كتب العلم؛ لا شك أن هذا أثره على التحصيل ظاهر، يعني ممكن شاب من الشبان عنده عشرة آلاف مجلد، لكن ما يعرف ولا أسماء هذه الكتب، فضلا ًعما تحتويه لما ظهرت الطباعة، الآن الطباعة شيء ما يخطر على البال، بينما أدركنا شيوخنا الواحد عنده دالوب دالوبين من الكتب، ويعرف ما في هذه الكتب، قرأ هذه الكتب مراراً وحفظ كثيراً مما فيها، وتردد عليها مراراً فضبطها، لكن كثرة التصانيف -كما يقول ابن خلدون- مشغلة عن التحصيل، كثرة التصانيف لهذه الكتب .. ، الألوف المؤلفة من الكتب لا شك أنها مشغلة، مشغلة لما يجي طالب العلم التردد بأيها يبدأ؟ يأخذ له مدة ما؟ أو يبدأ بهذا ويمل وينتقل للثاني والثالث والعاشر والمائة، ما يدرك شيء، لكن لو ما عنده من كل فن إلا كتاب واحد، ما عنده خيار، تردد على هذا الكتاب حتى ... نعم.
طالب:. . . . . . . . .