((ولكن جهاد ونية)): النية الصالحة تبلغ بصاحبها ما لا يبلغه عمله، قد يقول قائل: أنا أتمنى أن أكون صحبت النبي -عليه الصلاة والسلام- ونصرت دينه وقتلت بين يديه ..
النبي -عليه الصلاة والسلام- تمنى الشهادة، تمنى أن يُقتل في سبيل الله، ثم يُحيى ثم يقتل، ثم يُحيى، ثم يقتل، فهل للإنسان أن يتمنى مثل هذا -أن يتمنى لو كان صحابياً- أو يدخل في النهي: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [(32) سورة النساء]؟
الأمنية فيما يمكن تدخل في الحديث، لكن فيما لا يمكن، كتمني المرأة أن تكون رجلاً يجاهد في سبيل الله -الذي هو سبب نزول الآية- لا يجوز، تتمنى المرأة أن لو كانت رجلاً، يتمنى الرجل أن يكون -بعد ختم النبوة- أن لو كان نبياً، لا يمكن، هذا اعتداء؛ لأن النبوة ختمت؛ لأن هذا لا يمكن، يتمنى الشخص أن يعطى ملك لم يعطه أحد قبله، {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي} [(35) سورة ص]، لا يمكن، فكيف إذا كانت القائلة امرأة تطوف بالبيت، سُمعت تقول هذا: رب هب ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي، يعني بالمقابل سمع رجل يقول: إني نذرت لك ما في بطني محرراً! يسمع هذا وهذا، امرأة تطوف بالبيت تقول: رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي.
الأماني تبلغ بأصحابها ما تبلغ، لكن كل شيء بقدره، كل شيء فيما يمكنه، أما اختراق السنن الإلهية من أجل فلان أو علان ما يمكن إطلاقاً. ((ولكن جهاد ونية)): فالنية شأنها عظيم؛ تبلغ بالمؤمن ما لا يبلغه عمله، وجاء في الحديث -وهو ضعيف-: ((نية المؤمن خير من عمله))، وخُرج على أن النية المجردة أفضل من العمل المجرد عن النية، يعني النية فقط، يتمنى الخير أفضل من أن يعمل الخير بدون نية.