"ما أظن أن أبا خبيب -يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم" الزعم هو القول، وقد يستعمل في القول المشكوك فيه؛ ولكنه في الأصل أنه مرادف للقول، وكثيراً ما يقول سيبويه: "زعم الكسائي في كتابه"، زعم الكسائي ثم يوافقه على ذلك، يدل على أن الزعم مرادف للقول؛ لكنه هنا القرينة تدل على أنه لا سيما وقد قال: "ما أظن أبا خبيب" أن الزعم في القول الذي يغلب على الظن عدم ثبوته، "يزعم أنه سمعه منها، قال الحارث: بلى أنا سمعته منها، قال: سمعتها تقول: ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن قومك استقصروا من بنيان البيت، ولولا حداثة عهدهم بالشرك أعدت ما تركوا منه، فإن بدا لقومك من بعدي أن يبنوه فهلمي لأريك ما تركوا منه)) فأراها قريباً من سبعة أذرع" هذا حديث عبد الله بن عبيد، وزاد عليه الوليد بن عطاء، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ولجعلت لها بابين موضوعين في الأرض شرقياً وغربياً، وهل تدرين لم كان قومك رفعوا بابها؟ )) قالت: قلت: لا، قال: ((تعززاً ألا يدخلها .. )) أو (تعززاً أن يدخلها)، (ألا يدخلها إلا .. ) الاستثناء دليلٌ على وجود النفي، وقد تزاد لا في مثل هذا الموضع، {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ ... } [(75) سورة ص] والموضع الثاني: {أَلاَّ تَسْجُدَ ... } [(12) سورة الأعراف] وفي الحديث: ((لولا أن تدافنوا))، والرواية الأخرى: ((لولا أن لا تدافنوا)) قد تزاد (لا) في مثل هذا الموضع، لا سيما مع عدم اللبس، ((تعززاً أن لا يدخلها إلا من أرادوا، فكان الرجل إذا هو أراد أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى إذا كاد أن يدخل دفعوه فسقط)).
طالب: لها سلم؟
على درج إيه، ما يمكن أن تصعد إلا بدرج.
(( ... فسقط)) قال عبد الملك للحارث: أنت سمعتها تقول: هذا؟ قال: نعم، قال: فنكت ساعة بعصاه -بطرف عصاه ينكت الأرض، يحرثها به- ثم قال: وددت أني تركته وما تحمل".
لأن التصرف في مثل هذه الأمور له تبعاته في الدنيا والآخرة، فلو تركه على ما تحمل، فالأمر الذي يتردد فيه الإنسان، وهو شيء قائم، هل يفعله أو لا يفعله؟ لو تركه أحوط.