المسألة معروفة عند أهل العلم خلاف، ابن حجر يرجح أنه للجميع الصغائر والكبائر والألباني كذلك، لكن القيد تكرر في نصوص كثيرة ((ما اجتنبت الكبائر))، ((ما لم تغشَ كبيرة)) وعند الجمهور الكبائر لا بد لها من التوبة، جاء عند ابن ماجه حديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- دعا عشية عرفة أن يغفر لعموم الحاج، فقال: ((قد فعلت إلا المظالم، فقال يا رب: والمظالم، فلم يجب في عرفة)) عند ابن ماجه وفيه ضعف، فلم يجب في عرفة أجيب بالمزدلفة، فقال: ((والمظالم))، وبهذا يستدل على أن .. ابن حجر جعل هذا الحديث شاهد لحديث: ((رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه)) وأنه يتناول الكبائر والصغائر، وليس معنى هذا أن الإنسان يسترسل في اقتراف المحرمات، واجترام الذنوب والمعاصي كبيرها وصغيرها ثم بعد ذلك يقول: أحج وأرجع ... هذا لا يوفق للحج المبرور، هذا لا يوفق للحج المبرور، كثيرٌ من الناس يقول الأمر سهل الحج أربعة أيام، وبعضهم يختصره في ثلاثة، أربعة أيام يقول: لو أن إنسان بالمخيط أو بالإبرة يخيط الفم يستطيع أن يمسك نفسه ثلاثة أيام لا يرفث ولا يفسق ويرجع ...
هذا لا يمكن، مستحيل، لا يوفق، الشخص الذي لسانه طول عامه في القيل والقال يريد أن يحفظ لسانه في هذه الأيام لا يستطيع، وجرب تجد، كثير من الناس حج بهذه النية وبهذا القصد فإذا وصل إلى الأماكن المقدسة حتى في يوم عرفة تجده لا يستغل الوقت لا بذكر ولا بتلاوة، وإنما يستغله بالقيل والقال، وإن كان وحده تلفت يميناً وشمالاً علَّه أن يعرف أحداً يذهب إليه، هذا حاصل، ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة))، وكثير من طلبة العلم لا يعرف القرآن إلا إذا تقدم قبل الإقامة بخمس دقائق، وأدى الركعتين على أي وجه، ثم تناول المصحف وقرأ، يعني إن صادف مثل هذه الفرصة وإلا فالقرآن ليس له عنده نصيب، ثم بعد ذلك في العشر الأواخر يذهب إلى الأماكن المقدسة ويفرغ نفسه من جميع الأعمال، والنية طيبة لا إشكال فيها، لكن هل يعان على أن يفعل في هذه العشر مثل ما يفعله سلف هذه الأمة من ملازمة كتاب الله، حتى أن بعضهم يقرأ القرآن كل يوم؟